تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عباد الله، إن مما حذر النبي صلى الله عليه وسلم منه وبين أضراره ما يتعلق بالنفاق فإن الله سبحانه قسم الذين خذلهم عن سبيله إلى قسمين، إلى كفار ومنافقين، والنفاق ينقسم إلى قسمين: نفاق عقدي وهو أن يظهر الإنسان الإيمان ويبطن الكفر وأصحابه تحت الكفار يوم القيامة: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا، وإلى نفاق عملي وهو أن لا يفي الإنسان لله بما عاهده عليه وقد قال تعالى: ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون. وقد جاء كثير من النصوص في هذا النوع من أنواع النفاق وحذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أضراره فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أوتمن خان، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب وإذا أوتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر. إن هذا النوع من النفاق يخافه صلى الله عليه وسلم على أمته فقد أخرج البخاري عن ابن أبي مليكة قال: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منهم أحد يقول: إيماني على إيمان جبريل وميكائيل وما منهم من أحد إلا وهو يخاف النفاق على نفسه، وصح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يسأل حذيفة فيقول: يا أبا عبد الله أنشدك بالله الذي لا إله إلا هو هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين وهم يعلمون أنهم لا يدخلون في النفاق العقدي ولكنهم يخافون النفاق العملي على أنفسهم وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خفاء هذا النفاق وخطره فبين أنه أخفى من دبيب النمل فلذلك كان الصحابة يخافونه على أنفسهم خوفا شديدا وخافه جلة هذه الأمة من بعدهم. إن هذا النوع من النفاق هو الذي كان مالك يخافه على نفسه وحذر منه في كتابه إلى الليث بن سعد. وإن هذا النفاق كثيرا ما يحصل في هذه الأمة وهو مستشر فيها مستمر فعلينا جميعا أن نخاف هذا النفاق على أنفسنا ونتلمس مظاهره وعوارضه حتى نعالجها إن وجدنا بعضها في أنفسنا وحتى نراها في غيرنا، حتى ندرك نعمة الله علينا إذ أنجانا من بعض هذه الظواهر. فمن مظاهر هذا النفاق أن يبيع الإنسان آخرته بدنيا غيره فيكون أحرص على دنيا غيره منه على آخرته هو، فيقدم لذلك الغير القرابين التي تعينه على ظلمه في هذه الحياة وعلى فجوره وعدوانه وبذلك يبيع هو آخرته بدنيا غيره فيكون بذلك أشقى الناس، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها، فالناس جميعا تجار يغدون إلى السوق فبائع نفسه لله فمعتقها من عذاب الله أو موبقها في نار جهنم نسأل الله السلامة والعافية، ومن مظاهر ذلك اتخاذ الكذب ذريعة لنصرة الباطل فإن الكذب من صفات المنافقين كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث السابقة وأعظم الكذب الكذب على الله وقد عده سبحانه وتعالى من أكبر الكبائر فقال تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كذلك خطر الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من رواية مائتين من أصحابه أنه قال: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد فمن قال علي ما لم أقل فليلج النار وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار، وهذا يشمل القول والتشريع كله فإن التشريع كله من عند الله. إن الحكم إلا لله. قل أفغير الله أبتغي حكما. وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله، فالحكم لله الواحد القهار ومن أجل ذلك فكل إباحة أو تحريم من دون الله بما لم يشرع الله فهي قول على الله بغير علم وقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالافتراء والكذب وهي سلوك لطريق النفاق والذين يشجعون ذلك ويتعمدونه لا بد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير