تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأما القسم الأول: فلم نتعرض لذكره، إذ كفينا مؤنة الكلام فيه لاعتراف فاعله أنه ليس من الدين.

أما القسم الثاني: فهو الذي قصدنا جمعه، وإيقاف المسلمين من هذه المنكرات والبدع لا مطمع لأحد في حصرها لأنها خطأ وباطل، وذلك لا تنحصر سبله ولا تتحصل طرقه، وإنما الذي تنحصر مداركه وتنضبط مآخذه فهو الحق لأنه أمر واحد مقصود يمكن إعمال الفكر والخواطر في استخراجه ...

ثم بين أبواب الكتاب الأربعة كما يلي: 1 - الباب الأول: فيما انطوى عليه الكتاب العزيز من الأمور التي ظاهرها سلم جرت إلى هلك، مورداً بعض الآيات ومنها: [يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وقُولُوا انظُرْنَا] [البقرة: 104]، وذلك أن المسلمين كانوا يقولون للرسول: (راعنا) و (ارعنا) سمعك، وهي بالعبرانية كلمة سب من الرعونة، فكانت اليهود تقولها للنبي سباً، فمنع الله المسلمين أن يقولوها، وإن كانت جائزة، لئلا تتذرع اليهود بذلك إلى ما لا يجوز، وهذا في الحقيقة منع جائز في الظاهر لما كان يتطرق به إلى باطل ممنوع.

ومن ذلك قوله تعالى: [ولا تَسُبُّوا الَذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ]] الأنعام: 6/ 108]، فمنع الله سائر المسلمين من سب آلهة الكفار، وهو مباح، لئلا يصير طريقاً لهم إلى سب الله تعالى عند ذلك.

ثم بين أن مما يدخل في هذا الباب والتحذير من الزيادة في دين الله تعالى والنقصان منه، قوله تعالى: [وقُولُوا حِطَّةٌ وادْخُلُوا البَابَ سُجَّداً] إلى قوله تعالى: [فَبَدَّلَ الَذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ]] الأعراف: 7/ 162] .. قال أهل التأويل: طؤطئ لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فيدخلوا سجداً منحنين متواضعين ويقولوا حطة - معناه حط عنا خطايانا - فقالوا: (حنطة) استخفافاً بأمر الله فأرسل الله تعالى عليهم رجزاً من العذاب لقوا منه ما لقوا، لأنهم زادوا حرفاً في كلمة، فما بالك بالابتداع والتغيير مما لم يأذن به الله، ولم يرد في سنة رسوله.

2 - الباب الثاني: فيما اشتملت عليه السنة من النهي عن محدثات الأمور وأورد بعضاً من الأحاديث في التحذير من الأهواء والبدع، ومنها حديث ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه خط لهم خطاً ثم خط إلى جانبه خطوطاً، ثم قال للخط الأول: «هذا سبيل الله يدعو إليه» وقال للخطوط: «هذه سبل الشيطان علي كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ: [وأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ]، وما رواه الشيخان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتوهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟».

وحديث البخاري عن أبي واقد الليثي قال: «خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل خيبر ونحن حديثو عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: (ذات أنواط) فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الله أكبر، إنها السنن، لقد قلتم كما قالت بنو إسرائيل [اجْعَل لَّنَا إلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ] لتركبن سنن من كان قبلكم» رواه الترمذي وصححه.

قال الطرطوشي: فانظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمون من شأنها ويرجون البرء والشفاء من قبلها وينوطون بها المسامير والخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها.

ثم عقد فصلاً في تعريف البدعة قال فيه: إن أصل الكلمة من الاختراع وهو الشيء الذي يحدث من غير أصل سابق، ولا مثال احتذي ولا أُلف مثله ومنه قوله تعالى: [بَدِيعُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ] أي خالقها ابتداء .. وهذا الاسم يدخل فيما تخترعه القلوب وما تنطق به الألسنة وفيما تفعله الجوارح والدليل على هذا ما سيذكره في أعيان الحوادث من تسمية الصحابة وكافة العلماء بدعاً للأقوال والأفعال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير