ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[15 - 11 - 04, 09:58 ص]ـ
قال الإمام تقي الدين السبكي: إن دل الحساب على عدم إمكان الرؤية ويعرف ذلك بمقدمات قطعية ويكون القمر في هذه الحالة قريبا جدا من الشمس ففي هذه الحالة لا تمكن رؤيته لأنها مستحيلة، فلو أخبر به شخص أو أكثر – وهذا خبر يحتمل الصدق والكذب والغلط – فلا يجوز تقديمه على الحساب القطعي أو معارضته به، وهناك كثير من الناس يغلطون أو يخطئون في رؤية الهلال، وقد روي عن أنس بن مالك أنه حضر مع جماعة لرؤية الهلال وكان معهم إياس بن معاوية فلم يره أحد منهم غير أنس بن مالك الذي قال إنه رآه مع أنه كبير السن وأشار أنس الى الجهة التي قال عنها إنه رأى الهلال فيها فتطلعوا جميعا الى تلك الناحية فلم يروا شيئا ومنهم من هو أقوى نطرا من أنس وهنا التفت إياس وكان ذكيا حاضر البديهة ونظر الى عيني أنس فرأى على احداهما شعرة وقد تدلت من حاجبه فمسح إياس حاجب أنس بيده حتى سواه وقال له: أرني الهلال الآن، فقال أنس لا أنظره الآن.
• قال ابن عابدين في الحاشية (2/ 387): " قوله: (ولا عبرة بقول المؤقتين) أي: في وجوب الصوم على الناس، بل في المعراج لا يعتبر قولهم بالإجماع.
ولا يجوز للمنجم أن يعمل بحساب نفسه.
وفي النهر فلا يلزم بقول المؤقتين إنه - أي الهلال - يكون في السماء ليلة كذا وإن كانوا عدولا في الصحيح كما في الإيضاح.
وللإمام السبكي الشافعي تأليف مال فيه إلى اعتماد قولهم؛ (لأن الحساب قطعي) اهـ.
ومثله في شرح الوهبانية.
مطلب: ما قاله السبكي من الاعتماد على الحساب مردود.
قلت: ما قاله السبكي، ردَّه متأخرو أهل مذهبه، منهم ابن حجر والرملي في شرحي المنهاج.
وفي فتاوى الشهاب الرملي الكبير الشافعي: سئل عن قول السبكي لو شهدت بينة برؤية الهلال ليلة الثلاثين من الشهر وقال الحساب بعدم إمكان الرؤية تلك الليلة عمل بقول أهل الحساب لأن الحساب قطعي والشهادة ظنية وأطال في ذلك فهل يعمل بما قاله أم لا؟
وفيما إذا رؤي الهلال نهارا قبل طلوع الشمس يوم التاسع والعشرين من الشهر وشهدت بينة برؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان فهل تقبل الشهادة أم لا؟
لأن الهلال إذا كان الشهر كاملا يغيب ليلتين أو ناقصا يغيب ليلة أو غاب الهلال الليلة الثالثة قبل دخول وقت العشاء لأن كان يصلي العشاء لسقوط القمر الثالث هل يعمل بالشهادة أم لا؟
- فأجاب: بأن المعمول به في المسائل الثلاث ما شهدت به البينة؛ لأن الشهادة نزَّلها الشارع منزلة اليقين.
وما قاله السبكي مردودٌ، ردَّه عليه جماعةٌ من المتأخرين.
وليس في العمل بالبينة مخالفة لصلاته.
ووجه ما قلناه: أن الشارع لم يعتمد الحساب، بل ألغاه بالكلية، بقوله: (نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا).
وقال ابن دقيق العيد: الحساب لا يجوز الاعتماد عليه في الصلاة. انتهى.
والاحتمالات التي ذكرها السبكي بقوله: (ولأن الشاهد قد يشتبه عليه الخ) لا أثر لها شرعاً؛ لإمكان وجودها في غيرها من الشهادات)) اهـ.
- قال أبو عمر: مما يردُّ على كلام من ينحو منحى السبكي رحمه الله أنَّ الخطأ لو احتمل في رؤية رجل أو اثنين فقد يقبل لكن الرؤية هذا العام -كما تقدم - قد ثبتت بعدد كبير (ومنهم أهل خبرة وتجربة) فيستحيل في العادة وقوع الخطأ فيهم كلهم.
- الأمر الثاني: أنَّ الحسابات الفلكية قد تخطيء أيضاً لغلط حاسبها أو غير ذلك.
- أخيراً كثير من أمور الشرع مبنية على ما يصطلح عليه بالظنيات القابلة للخطأ والغلط والكذب، ويقتل الرجل ويرجم وتقطع يده ويجلد بشهادة شاهدين أو أربع، وقد يكونوا في نفس الأمر واهمين.
ودين الله لا ينسخه إلا الوحي.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[15 - 11 - 04, 10:21 ص]ـ
- قاعدة عظيمة -
- من عمِلَ بما تعبَّده الله به من قواعد الشرع وأوامره، ثم تبيَّن له غلطه في نفس الأمر لا في إنفاذ أمر الله فلا إثم عليه ولا حرج.
- ولا يلتفت ما يعكِّر عليه مما يخالف أمر الشرع.
- كالقاضي يحكم في الدماء والأموال والفروج وليس له إلاَّ بيِّنات الشرع وقد يكون مخطئاً في نفس الأمر، لكنه مصيب في حكم الشرع.
¥