بارك الله فيكم وشكر لكم، وأشكر أخي عمارا وأرجو أن الله ييسر ذلك.
قال ابن القيم في زاد المعاد 3/ 235:
أَكْثَرُ الْخَلْقِ بَلْ كُلّهُمْ إلّا مَنْ شَاءَ اللّهُ يَظُنّونَ بِاَللّهِ غَيْرَ الْحَقّ ظَنّ السّوْءِ؛ فَإِنّ غَالِبَ بَنِي آدَمَ يَعْتَقِدُ أَنّهُ مَبْخُوسُ الْحَقّ نَاقِصُ الْحَظّ، وَأَنّهُ يَسْتَحِقّ فَوْقَ مَا أَعْطَاهُ اللّهُ، وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ: ظَلَمَنِي رَبّي وَمَنَعَنِي مَا أَسْتَحِقّهُ، وَنَفْسُهُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ بِلِسَانِهِ يُنْكِرُهُ وَلَا يَتَجَاسَرُ عَلَى التّصْرِيحِ بِهِ، وَمَنْ فَتّشَ نَفْسَهُ وَتَغَلْغَلَ فِي مَعْرِفَةِ دَفَائِنِهَا وَطَوَايَاهَا = رَأَى ذَلِكَ فِيهَا كَامِنًا كُمُونَ النّارِ فِي الزّنَادِ؛ فَاقْدَحْ زِنَادَ مَنْ شِئْت يُنْبِئْك شَرَارُهُ عَمّا فِي زِنَادِهِ، وَلَوْ فَتّشْت مَنْ فَتّشْته = لَرَأَيْت عِنْدَهُ تَعَتّبًا عَلَى الْقَدَرِ، وَمَلَامَةً لَهُ، وَاقْتِرَاحًا عَلَيْهِ خِلَافَ مَا جَرَى بِهِ، وَأَنّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا، فَمُسْتَقِلّ وَمُسْتَكْثِرٌ، وَفَتّشْ نَفْسَك هَلْ أَنْتَ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ؟
فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ ** وَإِلّا فَإِنّي لَا إِخَالُك نَاجِيًا
فَلْيَعْتَنِ اللّبِيبُ النّاصِحُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، وَلْيَتُبْ إلَى اللّهِ تَعَالَى، وَلِيَسْتَغْفِرْهُ كُلّ وَقْتٍ مِنْ ظَنّهِ بِرَبّهِ ظَنّ السّوْءِ، وَلْيَظُنّ السّوءَ بِنَفْسِهِ الّتِي هِيَ مَأْوَى كُلّ سُوءٍ وَمَنْبَعُ كُلّ شَرّ، الْمُرَكّبَةُ عَلَى الْجَهْلِ وَالظّلْمِ، فَهِيَ أَوْلَى بِظَنّ السّوءِ مِنْ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، وَأَعْدَلِ الْعَادِلِينَ، وَأَرْحَمِ الرّاحِمِينَ، الْغَنِيّ الْحَمِيدِ، الّذِي لَهُ الْغِنَى التّامّ، وَالْحَمْدُ التّامّ، وَالْحِكْمَةُ التّامّةُ، الْمُنَزّهُ عَنْ كُلّ سُوءٍ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَسْمَائِهِ، فَذَاتُهُ لَهَا الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ مِنْ كُلّ وَجْهٍ، وَصِفَاتُهُ كَذَلِكَ، وَأَفْعَالُهُ كَذَلِكَ كُلّهَا حِكْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَرَحْمَةٌ وَعَدْلٌ وَأَسْمَاؤُهُ كُلّهَا حُسْنَى.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[10 - 08 - 07, 03:51 م]ـ
قال الحافظ أبو زرعة الدمشقي: حدثنا عبيد بن حبان عن مالك قال: بلغني عن القاسم بن محمد كلمة أعجبتني، وذاك أنه قال: من الرجال رجال لا تذكر عيوبهم. تاريخه ص193.
وفي سير أعلام النبلاء 8/ 398: روى عبدان بن عثمان عن عبدالله [بن المبارك الإمام] قال: إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه = لم تذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ عن المحاسن = لم تذكر المحاسن.
وروى الخطيب البغدادي في الكفاية ص138: من طريق مالك بن أنس قال: سمعت الزهري يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: «ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب، لا بد، ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه، من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله».
وقال العلامة ابن القيم في مفتاح دار السعادة ص176:
«من قواعد الشرع والحكمة أيضا: أن من كثرت حسناته وعظمت، وكان له في الإسلام تأثير ظاهر؛ فإنه يحتمل له مالا يحتمل لغيره، ويعفي عنه مالا يعفي عن غيره؛ فإن المعصية خبث، والماء إذا بلغ قلتين = لم يحمل الخبث، بخلاف الماء القليل؛ فإنه يحمل أدنى خبث».
ـ[السدوسي]ــــــــ[13 - 08 - 07, 03:06 ص]ـ
الوافي بالوفيات - (ج 2 / ص 413)
ومن شعر المعري أيضاً:
يدٌ بخمس مئين عسجدٍ وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
تحكمٌ ما لنا إلا السكوت له ... وأن نعوذ بمولانا من النار
قال ياقوت: لأن المعري حمارٌ لا يفقه شيئاً وإلا فالمراد بهذا بين، لو كانت اليد لا تقطع إلا في سرقة خمسمائة دينار لكثر سرقة ما دونها طمعاً في النجاة، ولو كانت اليد تفدى بربع دينار لكثر من يقطعها ويؤدي ربع دينار ديةً عنها، نعوذ بالله من الضلال. انتهى.
قلت:- أنا السدوسي - أعجبني كثيرا قول ياقوت رحمه الله: لأن المعري حمار .... وله في كتابه معجم الأدباء إبداعات كهذه.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 08 - 07, 06:39 م]ـ
قال الحافظ ابن أبي الدنيا في كتابه مدارة الناس ص114 - 115:
حدثنا أحمد بن جميل المروزي حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس قال: " إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوب نفسك ".
حدثنا الحسن بن منصور حدثنا حجاج بن محمد عن المسعودي عن عون بن عبد الله قال: " ما أحسب أحدا تفرغ لعيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه ".
حدثنا محمد بن بشير حدثنا جميع بن عبد الله الهجيمي عن عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني عن أبيه قال: " إذا رأيتم الرجل موكلا بذنوب الناسِ ناسٍ لذنوبه = فاعلموا أنه قد مكر به ".
وروى البيهقي في الزهد الكبير: عن ذي النون المصري أنه قال: «من نظر في عيوب الناس، عمي عن عيوب نفسه ... »
روى أبو الشيخ بن حيان في كتاب «النكت والنوادر» عن عبد الله بن وهب قال: قال مالك بن أنس رضي الله عنه: «كان عندنا بالمدينة قوم لا عيوب لهم تكلموا في عيوب الناس = فصارت لهم عيوب، وكان عندنا قوم لهم عيوب سكتوا عن عيوب الناس = فنسيت عيوبهم».
قلت:
عائب الناس وإن كا * ن سليما يستعاب
والذي يمسك عن عيـ * ـب الورى سوف يهاب
ما دخول المرء فيما * ليس يعنيه صواب.
انتهى من خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، للمحبي.
وقال السري السقطي: «ما رأيت شيئا أحبط للأعمال، ولا أفسد للقلوب، ولا أسرع في هلاك العبد، ولا أدوم للأحزان، ولا أقرب للمقت، ولا ألزم لمحبة الرياء والعجب والرياسة؛ من قلة معرفة العبد نفسه، ونظره في عيوب الناس؛ لاسيما إن كان مشهورا معروفا بالعبادة، وامتد له الصيت حتى بلغ من الثناء ما لم يكن يؤمله، وتربص في الأماكن الخفية بنفسه، وسراديب الهوى، وفي تجريحه في الناس ومدحه فيهم». الطبقات الكبرى للشعراني! ص73.
¥