تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني في غزوة ذات الرقاع - فأصاب رجلٌ امرأة رجلٍ من المشركين، فحلف – يعني المشرك - أن لا انتهي حتى أهريق دما في أصحاب محمد، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا. فقال: من رجل يكلؤنا؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فقال: كُونا بِفَمِ الشِّعب. قال: فلما خرج الرجلان إلى فَمِ الشعب اضطجع المهاجري، وقام الأنصاري يصلي، وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم، فرماه بسهم، فوضعه فيه، فنزعه، حتى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم انتبه صاحبه، فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدمّ قال: سبحان الله ألا انبهتني أول ما رمى؟ قال: كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها.

وقد صلّى عمر رضي الله عنه بعدما طُعن وجُرحه يثعب دماً. يعني يصبّ صبّاً.

ولذا قال الحسن – رحمه الله –: ما زال المسلمون يُصلُّون في جراحاتهم. رواه البخاري تعليقاً ورواه ابن أبي شيبة موصولاً.

وروى البخاري هذه الآثار تعليقاً، فقال: وعَصَر ابن عمر بثرة فخرج منها الدم ولم يتوضأ، وبزق بن أبي أوفى دما فمضى في صلاته، وقال ابن عمر والحسن فيمن يحتجم: ليس عليه إلا غسل محاجمه.

أي ليس عليه الوضوء من خروج الدم.

فهذه الأدلة وغيرها تدلّ على أن الدم ليس بنجس، وليس بناقض للوضوء من باب أولى.

ويُستثنى من ذلك دم الحيض فهو نجس.

وما خرج من أحد السبيلين (القبل أو الدبر) لملاقاة النجاسة.

والله أعلم.


ثم رد فضيلة الشيخ:
اتفقت المذاهب الأربعة المتبوعة على نجاسته حتى قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم: نجس بإجماع المسلمين " وكذا حكى الإجماع الإمام القرطبي في تفسيره، وأسهب السهارنفوري في تقرير ذلك في " بذل المجهود "، ودليل نجاسته آية البقرة وغيرها، فإن كان الدم من أحد السبيلين فهو نجس بالإجماع حيض، أو نفاس، أو استحاضة أو غيرها، ولا يعفى عن يسيره، أما غيره فالمقرر عند أهل المذاهب المتبوعة أنه لا يعفى عن فاحشه، ويعفى عن يسيره وإن اختلفوا في حد اليسير،
أما صلاة عمر وعباد وغيرهم من الصحابة - فحال ضرورة، فيباح لمن دمه يثعب من جراحه أن يصلي على حاله، والواجب - الذي هو التحرز من النجس - يسقط بالإجماع، والمشقة تجلب التيسير، ألا ترى المستحاضة دمها نازل وتصح صلاتها ولو استثفرت، وكذا من به سلس ..
وهل قولة الحسن رحمه الله محفوظة من حيث الدراية لا الرواية؟ بمعنى هل حفظت عنه وذكرها الفقهاء على أنها قولة محفوظة يعتد بها في الخلاف، أم أنها من قبيل الرواية فقط، وكم من أحاديث ذكرت رواية لا دراية يُفتى بها الآن ولو خالفت الإجماع، خذ مثلا، حديث ابن عباس في " صحيح مسلم" في طلاق الثلاث واحدة .. هذا الحديث حديث شاذ كما قاله أحمد والدارقطني وغيرهم كما ذكره عنهم الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي في باب الشاذ، فهو مخالف لإجماع الصحابة المنعقد في خلافة عمر - - بل راوي الحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - كان يفتي بخلافه كما في سنن البيهقي المجلد التاسع في أبواب الطلاق، ولم تزل الأمة تفتي بوقوع الطلاق الثلاث ثلاثا وتقضي بذلك حتى شهّر شيخ الإسلام - رحمه الله- القول بوقوع الثلاث واحدة، ... عفوا على الاستطراد
لكن عودة لمسألتنا، - وإني والله أطلب الحق من أهل العلم - لماذا لا يحمل فعل ابن عمر مع البثرة على اليسير المعفو عنه، مع اشتراط الفقهاء لنجاسة الدم أن يفحش في نفسه كما في عمدة الطالب، وشرح منتهى الإرادات، وغيرهما فلعل ذلك لم يفحش في نفس ابن عمر رضي الله عنهما، وصلاة الصحابة في جراحاتهم لما ذكر سلفا يحمل على حال الضرورة لما علم بالضرورة من فقه الصحابة وعلمهم رضي الله عنهم، أما لو كان نجسا لبينه النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم فقد علم الصحابة ذلك من كتاب الله تعالى وعندهم الأصل المقرر وهو نجاسة الدم المسفوح وهذا منه ولا شك، ..
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير