تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[13 - 03 - 05, 12:06 ص]ـ

أخي الحبيب المفضال إسلام بن منصور وفقه الله وبارك الله سعيه.

أما القول بأن الاستدلال انما هو بالرواية لا بقول الحسن البصري. فهذا أمر يبينه ثلاثة:

أولها: أن من طرق الحفاظ و النقاد الكبار في تعليل المتون أن يثبت عن الصحابي راوي الحديث قولا او فعلا يخالف معنى الحديث الذي يرويه وهذا أمر مقرر عند اهل الحديث وقد بوب عليه الأمام مسلم في كتابه العظيم - الذي وجد قليل منه - التمييز (في المطبوع منه) ومثّل له، وكذلك أعل ابن خزيمة في صحيحه (المطبوع منه) غير ما حديث واسانيدها قوية لاجل ان راوي الحديث (الصحابي) ثبت عنه فعلا او قولا او فتوى تخالف هذا الحديث والصحابي لايعدل عن الامثتال لحديث صح يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك ابن رجب في شرح العلل بوب له ومثل.

بل - وهذه من دلائل قوة هذا المسلك من التعليل - أن ابو داود السجستاني عليه رحمة الله صاحب السنن قد أعل حديثا اسناده غاية وهو في الصحيحين بهذه العلة!

وهذا المسلك يخفى على كثير من المشتغلين بعلم الحديث في هذه الأعصر جهلا بمسالك الحفاظ، وطرائق النقاد، وكم وكم خفى عليهم من مثله، رغم شهرة هذا المسلك والتنصيص عليه والتمثيل له.

وقد افردنا موضوعا في هذا الملتقى حول هذا المسلك المهم فيرجع اليه.

هذا في الحديث المرفوع المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثر فيه مذهب الصحابي فكيف بما هو دونه.

ومع هذا فليس أثر الحسن من بابة هذا بل هو أهون منه بكثير لان الحسن لايحكى حديثا مرفوعا او قولا مسموعا فيقال العبرة بالمروي لا بفعل الرواي أو فهمه.

بل هو يروي امرا يحتج به على شئ مخصوص (وهو عدم نقض الدم الخارج للوضوء) في سبيل الرد على من قال بنقض الدم الخارج من غير السبيلين للوضوء مطلقا وهو مذهب ابن عمر ولاثابت عنه وجملة من التابعين وهذه المسألة اشتهر الخلاف فيها زمن التابعين وتقاول فيها الاتباع وهي هل ينقض الدم الخارج من غير السبيلين الوضوء واحتج كل واحد لمذهبه وفيه حديث مرفوع فيه ضعف عند الدارقطني بل احاديث.

إذا أثر الحسن الذي رواه لم يكن قولا مسموعا بل حكاية وفعل منتشر من غير نكير وهي ان أهل الاسلام وأرباب السنان كانوا يصلون في جراحاتهم ولم يكن هذا ينقض وضوءهم ولم ينصرفوا من صلاتهم.

وهذا الذي ينبغى فهمه من إيراد الحسن لهذا الأثر والسبب ان الأثر لو كان يعنى عدم نجاسة الدم لكان أول القائلين به هو الحسن نفسه! أضافة الى أن الأثر لايفهم من هذا أصلا؟ لأن الحال حال ضرورة وليس الجرح بالذي يمكن نزعه او وضعه.

إذا الحسن يحكى واقعا شاهده يحتج به على عدم نقض الدم الخارج للضوء فيجب ان نلتزم بفهم من يحكى ما جرى لأنه ليس يحكي نصا مسموعا يتعلق بفهم قد يفهمه الناقل او لا، فيكف ينقل الحسن البصري ان أهل الاسلام لازالوا يصلون في جراحاتهم ثم لايفهم هو من هذا الأمر طهارة الدم؟

ونحن نقول لم يزل المسلمون حتى في هذه الأعصر يصلون في جراحاتهم ولم ينقطعوا عن فعل ذلك وهذا أمر متقرر عند أربابه مشهور ومعلوم حكاه البصري ام لم يحكه وقد رأيناه رأى العين، ولمسنا الاحتياج اليه والضرورة الداعية الى فعله.

ثانيها: أن الدليل عند من احتج به على عدم النجاسة أخص من المدلول، فالدليل قاصر على جراحة في زمن حرب او بسببه، وقد تكون نازفة وقد لاتكون فهي جراحة والجراحة أثر السيف او الطعن او ما شابهه من أدوات الحرب، فكيف يعمم هذا الحكم ويطلق على نجاسة الدم وعدمها.

ولو أتانا أت وقد عصب جرحه وهو ينزف منه وأثر الدم بادي لقلنا له صلي ولاحرج فهذه ضرروة، وقد ثبت: أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تصلي والدم يقطر منها، فيوضع لها طست يقطر فيه الدم. فلا يؤمن ان تقع منه قطرات على جسدها او ثوبها وثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى وجرحه يثعب دما، والجرح الثاعب دافق فلا يؤمن وقوع بعض الدم على جسده او ثوبه.

وأيضا قد يحتج عليكم فيقال ما علاقة الجروح بالنجاسة؟

هل يلزم من المجروح ان يتلوث بدنه؟ هل يلزم من كون جرح عمر ينزف ان يكون هذا على بدنه وثوبه الا يكون كفعل زوجة رسول الله حيث كان الدم يتدفق منها ويقع على الطست.

فأن قيل ربما تلوث البدن او الثوب فيقال وهل يقاوم الدليل الصريح والاجماع الصريح بمثل هذا؟

الخلاصة ان الدليل في هذا اخص من المدلول وأثر الحسن متعلق تعلقا أوليا، بمسألة نقض الوضوء وليس لها تعلق أكيد بمسألة النجاسة فلا يلزم من وجود الجراحة تلوث البدن او الثوب وان وجد فهو من باب الضرورة المعلومة.

ولهذا فأكثر من قال بنجاسة الدم وهم (الأمة) قال بان المجروح النازف معذور وصلاته صحيحة به غير باطلة.

ثالثها: أن الحسن يحكى أمرا عاما وليس واقعة مخصوصة (المسلمون) وأمرا مستمرا (مازال) على قضية مخصوصة فكيف بالله لانجد قائلا بطهارة الدم؟ مع أشتهار هذا الأمر وشيوعه؟

لم يقل به الذي حكاه ويحتج على أنتشاره وفعله؟ ولم يقل به أحد ممن في عصر او ممن سبقه! و سيأتيك بأذن الله قول أكثر من عشرين تابعي في طبقة الحسن ممن قال بنجاسة الدم والمئات ممن بعدهم والصحابة من قبلهم.

فكيف ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم والمفتون يفتون بنجاسة الدماء؟ كيف يكون الأمر بهذا الشيوع ولا نقف على عالم واحد فهم من هذا الشيوع طهارة الدم أتراه خفى على الناس؟ أم خفى معناه؟

أن هذا الأمر ليس قولا ينتشر بين الناس بل هو فعل تتابعوا عليه وهم مع تتابعهم يقولون بنجاسة الدم فلابد أن هذا الأمر لايدل على طهارته اصلا وإلا لما مر هكذا بلا فهم وحيد حتى يدل على طهارة الدم بناء على هذا الفعل المشتهر والأمر المتقرر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير