لهذا - إنْ لم يصحّ الاعتراضُ به - نظيرٌ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم (ولا أدري إنْ كان له نظائرُ أخرى) في حديث المسيء صلاتَهُ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما ردَّ الرجلَ ثلاثاً: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر واقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" متفق عليه وهذا لفظ البخاري.
فَكَرَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذِكْرَ الطمأنينةِ في كلا السجدتين، ولو كان يُكتفى بذكرها المرةَ الأولى لَمَا كَرَّرَها وذَكَرَها في السجدة الثانية. ولا يظهر وجهٌ هنا للتفريق بين السجدتين. والكلام على صفةٍ في ذاتِ السجود، فلا يُنظر إلى حالِ ما قبلَه وما بعدَه.
وبه تَبَيَّنَ أن السجدةَ الثانية سَبَقَ لها مثيلٌ مطابقٌ هو السجدةُ الأولى، ومع ذلك بَيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم الطمأنينةَ في كلِّ واحدة.
ثم إن قوله: "ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" نصٌّ على أن الباقي يفعلهُ كما فَعَلَهُ في الركعة الأولى، ولو كان يُكتفى بذكرِهِ المرةَ الأولى لَمَا ذَكَرَ هذه الجملة، لأنه سيكون معلوماً متقرِّراً أنه إذا لم يكرِّرِ الوصفَ؛ فالباقي كالأول.
وقُلْ مثلَ ذلك في شَبِيهَةِ هذه العبارة في حديث أبي هريرة السابق، قولِهِ: (ثمَّ يَفعلُ ذلكَ في الصلاةِ كلِّها حتّى يَقضِيَها).
وثانيها:
أنني ذكرت فيما سبق "أن أمر الصلاة عظيم، وعظيم جداً، ووصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ليس بالأمر السهل، وما كلُّ من وصفت له صلاة النبي صلى الله عليه وسلم علم أنه إن لم يكرر وصفاً دل على عدم مخالفة سابقِهِ من مثيلِه" ...
ولم أَرَ لكم كلاماً - حفظكم الله - حول هذا، فإن كان ثَمَّ شيءٌ فستسعدونني به.
وثالثها:
وبالنسبة للقول بأن ما في الحديث (في الصلاة) هو اختصار من الرواة، فإنني أرجو منكم توضيحه - إن لم أُثقل عليكم -، وبيان الدليل عليه.
بارك الله فيكم، وأثابكم.
هذا ما تبين لمحبكم وجزاكم الله خيرا
أحبكم الله الذي أحببتموني فيه، وجزاكم كل خير.
تنبيه: أرجو أن لا يفهم أحد أني بمناقشتي هذه أضاهي الشيخ (المقرئ)، أو أقارب علمه، بل إنني أقل من ذلك بكثير، وما كتابتي إليه إلا - كما قلت سابقاً - طروحاتٌ وأسئلةٌ، كي أتعلم منه - حفظه الله ورعاه - أدباً وتعاملاً ومناقشةً وفقهاً ... وبالنسبة لي فقد أخذت الكثير من الآداب والأخلاق، هذا بخلاف التقعيدات وطرق الاستدلال، من خلال هذه المناقشة.
ـ[المقرئ.]ــــــــ[23 - 03 - 05, 06:17 م]ـ
إلى الشيخ الفاضل: أبي عبد الله وفقه الله
كل هذا الأدب الذي تتمتعون به وحسن الظن بغيركم وانتقاصكم لأنفسكم بما لا يرضينا وتريدون أن تتعلموا من غيركم
أسأل الله أن يزيدكم خلقا وعلما
واعلم ومثلك يعلم أن حسن الخلق له أثر عجيب على العلم والفهم " ومن يرد الله به خيرا يوفقه في الدين
ولا أظنه يخفاك تلك اللفتة العجيبة في قول الله تعالى " ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم " فإقسامه بالقلم وما يسطر فيه ومنه العلم نبه بعد ذلك على خلق النبي صلى الله عليه وسلم مما يبين العلاقة بين العلم والخلق
والكلام يطول في هذا وهناك استدلالات كثيرة وعجيبة في تلازم هذين الأمرين أظنها لا تخفاك ومعكم يجمل الاختصار
شيخنا قولكم بارك الله فيكم واستدلالكم في حديث المسيء صلاته
أظن أن الأمر مختلف جدا لأن هذا المصلي كان خطؤه في الطمأنينه فكان من حكته صلى الله عليه وسلم أن نبهه عليها في كل ركن ولهذا لو نظرت في اللفظ الذي سقته لم يذكر له تكبير الركوع ولا تكبير السجود ولا التسميع ولا التسليم
ثم من باب الفائدة التي لا تخفى على مثلكم:
أعتقد أن وصف الصحابة لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم يختلف عن ذكر النبي صفة الصلاة وهذه من الأهمية بمكان فالصحابي عندما يصف شيئا رآه ليس كما قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصفة ولا أريد أن أضرب مثالا في الصلاة مع وجوده
ولكن أضرب مثالا في الحج فلا يخفى على فقيه مثلكم خلاف أهل العلم في وصف حج النبي صلى الله عليه وسلم فبعضهم قال حج مفردا وبعضهم قال حج قارنا وبعضهم قال حج متمتعا في الصحيحين وغيرهما
فكيف يكون؟ نقول إن الصحابة وصفوا ما رأوا والقاطع لهذا الخلاف هو لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فلما رجعنا إلى كلامه هو = وجدناه قال: لبيك عمرة وحجا ووجدنا عند إهلاله في أكثر من حديث فهذا مؤشر بترجيح أنه كان قارنا
وهكذا في مسائل كثيرة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
وعليه فقوله صلى الله عليه وسلم " ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " دليل على أنه نبهه على الأخطاء التي وقع فيها وإلا فهناك ما ترك ذكره للعلم به كما لا يخفى
وقولككم نفع الله بكم: {ا كلُّ من وصفت له صلاة النبي صلى الله عليه وسلم علم أنه إن لم يكرر وصفاً دل على عدم مخالفة سابقِهِ من مثيلِه" ... }
عفوا شيخنا فلم يكن الاستدلال هكذا
بل كان الاستدلال أنه لم أخر وصف وضعية اليدين إلى الركعة الثانية في التشهد وترك جلوسين قبله كان من المتبادر للذهن أن تذكر عند بدايته فلم أخرها هكذا كان الاستدلال
وقولكم أحبكم ربكم:
{وبالنسبة للقول بأن ما في الحديث (في الصلاة) هو اختصار من الرواة، فإنني أرجو منكم توضيحه - إن لم أُثقل عليكم -، وبيان الدليل عليه}
سبق أن بينت أن الأحاديث الثلاثة كلها في صفة جلوس التشهد ونقلت لكم كلام ما نقله الحافظ عن ابن رشيد
ولهذا لم لم يأت حديث واحد بإسناد صحيح أن أحد الصحابة عندما ذ1كر صفة الصلاة نص على صفة الجلسة بين السجدتين مما يدل على أنها مغايرة لجلوس التشهد
هذا ما أردت التعليق عليه في المسألة
والله يحفظكم
المقرئ
¥