تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[مؤسسة ابن جبرين الخيرية]ــــــــ[11 - 08 - 10, 02:06 م]ـ

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد ...

فقد اطلعت على ما نشر في جريدة الوطن عدد 2567 وتاريخ 28/ 9/1428هـ، بقلم أحد الكتاب، والذي أعلن إنكار التهجد في مساجد المسلمين في ليالي رمضان، وقد نسي الكاتب أو تناسى ما جاءت به الأدلة على مشروعية صلاة الليل مطلقًا، وقيام رمضان خاصة، وإحياء ليالي العشر الأخيرة في رمضان، وادعى أن صلاة آخر الليل لا أصل لها، وأن الذي ابتدعها الشيخ/ عبدالله بن محمد الخليفي رحمه الله، حيث صلاها في المسجد الحرام، هكذا يدعي هذا الكاتب، وكذلك أيضًا ينكر صيام ستة أيام من شوال، وكان ينبغي عليه أن يسأل قبل أن يعلن مثل هذا، حتى لا يفهم بقلة اطلاعه وعدم معرفته بالأدلة، وأحب أن أورد بعض الأدلة على بعض ما ذكر، ليتضح له ولغيره أن ما قاله ليس بصحيح، وأنه وإن حفظ شيئًا فقد غابت عنه أشياء.

فأما قيام الليل فقد مدح الله تعالى المتقين بقيام الليالي، فقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} الذاريات: 17 - 18، وهذا دليل على أن قيام الليل من فعل المتقين: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} الحجر: 45، فمن لم يكن كذلك نقص حظه من جنات النعيم، وقال تعالى في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} الفرقان: 64، وهذا مدح لهم حيث وصفهم بصفات فاضلة، ثم قال في ثوابهم: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً} الفرقان: 75، وظاهر الآيات أنهم يصلونها جماعات وفرادى، وهناك آيات أخرى ذكر الله فيها قيام الليل ومدح القائمين به في عدد من سور القرآن، وكذلك وردت السنة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام"، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "إذا قام الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا كتبا من القانتين والقانتات"، والقنوت دوام الطاعة، وبه فسر قول الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} الزمر: 9، إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة في فضل قيام الليل.

وأما قيام رمضان ففي الصحيحين قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وظاهر القيام أنه الصلاة في ليالي رمضان في أول الليل وفي آخره، وفي حديث سلمان المشهور في صحيح ابن خزيمة في فضل رمضان: "شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعًا"، وفي حديث عبدالرحمن بن عوف الذي في السنن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه"، ولم يخص قيام أول الليل دون آخره، وذلك دليل على أن شهر رمضان تميز بأفضلية التهجد فيه، والذي هو الصلاة في أول الليل وآخره، مع أن ذلك عام في جميع الليالي لقول الله تعالى: {وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} الإسراء: 79، والنافلة: التطوع.

ومن أفضلية رمضان أن فيه ليلة القدر، وقد مدحها الله تعالى وأنزل فيها سورة القدر، وقال فيها: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} القدر: 3، أي أن قيامها قد يكون خيرًا من قيام ألف شهر، أي نحو أربع وثمانين سنة، وهذا خير كثير، وثبت قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقد كثرت الأحاديث التي في فضلها، واختلف في تعيينها، ويترجح أنها في العشر الأواخر، ولما كان كذلك شرع قيام هذه العشر الأواخر بزيادة تطوع وتهجد، وبالأخص في آخر الليل، لأن صلاة آخر الليل أفضل من صلاة أوله، لما تقدم من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "وصلوا بالليل والناس نيام"، وقوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} المزمل: 6، والناشئ هو الذي يقوم بعد النوم، ولما كان هذا فضل هذه الليلة، واهتم الصحابة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير