تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا يخالف ما يدعيه الكاتب من إنكار صلاتها جماعة من الصحابة أو أبناء الصحابة أو التابعين أو من تبعهم وكأنه لم يلتفت إلى ما رواه الإمام مالك بن أنس من إلى الروايات التي في موطئه، ولم يلتفت إلى أمر عمر بن الخطاب وأُبي بن كعب، وفعل الصحابة الذين كانوا معهم، فقد كان الناس يصلون ثلاثًا وعشرين ركعة ويطيلونها، وبعد كل أربع ركعات يستريحون نحو ربع ساعة بسبب الإطالة، ثم يقومون فيصلون تسليمتين في نحو ساعة أو ساعة ونصف، ثم يستريحون، ثم يقومون ويصلون أيضًا تسليمتين ويستريحون بعدها، وبذلك سميت هذه الصلاة بالتراويح، وكان أهل مكة إذا صلوا تسليمتين قاموا وطافوا بالبيت سبعة أشواط بدل الاستراحة، فيطوفون أربعة أطواف، فقال أهل المدينة: ليس عندنا بيت نطوف به، ولكن نجعل بدل كل طواف أربع ركعات، فأوصلوا التراويح إلى تسع وثلاثين ركعة، وبعضهم إلى إحدى وأربعين، وأدركهم الإمام مالك وهم على ذلك، يصلون إلى آخر الليل ولم ينكر عليهم، ولا بَدعَهُم كما فعل هذا الكاتب هداه الله.

ولما اختصت هذه العشر بهذه الميزة رأى العلماء الزيادة في العشر الأواخر بالصلاة آخر الليل، وإن لم يستغرقوا الليل كله كما فعل الصحابة وأبناء الصحابة، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، فصاروا يقومون في آخر الليل، ولكنهم كانوا يطيلون فيصلون عشر ركعات بعد صلاة العشاء في نحو ساعة ونصف أو قرب ساعتين، ثم يستريحون ساعة، ثم يجتمعون ويصلون أربع ركعات في ساعة ونصف، ثم يستريحون نحو ساعة، ثم يقومون ويصلون ست ركعات مع الوتر في نحو ساعتين أو ساعتين ونصف، وينتهون قرب وقت السحر.

ولما كان الوافدون إلى الحرم المكي قد لا يتحملون الإطالة صلى بهم الشيخ/ عبدالله الخليفي، والشيخ/ عبدالمهيمن أبو السمح في أول الليل عشرين ركعة والوتر، ثم صلى بهم الشيخ/ عبدالله الخليفي في آخر الليل عشر ركعات تستغرق نحو ساعتين أو ساعة ونصف، ليحصل له الاقتداء بالصحابة والتابعين، وليحصل له ولمن صلى معه فضل قيام تلك الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر، واقتداء بعلماء أهل السنة، فمن ادعى أنها بدعة فقد أنكر السنة، وأنكر فضل الليالي العشر، وأنكر اهتمام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصحابته وحرصهم على إحياء تلك الليالي، وصلاة المسلمين أربعة عشر قرنًا لما يسمونه بالتراويح، فقيام آخر الليل داخل في مسمى التراويح التي ذكر العلماء أنها سنة مؤكدة.

وإذا كانت صلاة التراويح لا خلاف في مشروعية أدائها جماعة في المساجد، فلا فرق في صلاتها أول الليل أو آخر الليل، فإن الناس في هذه الأزمنة إنما يصلون أول الليل نحو ساعة ونصف، ومثل هذا لا يسمى إحياء هذه الليالي، وإنما يصدق الإحياء على الصلاة أكثر الليل، ولكن روي عن بعض السلف أنهم قالوا: (ما أغرب السنة، وأغرب منها من يعرفها)، ووصف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آخر الزمان وذكر فيه أن الناس يجعلون السنة بدعة، والبدعة سنة، فإذا غُيرت البدعة قالوا: غُيرت السنة.

وأما صيام ستة أيام من شوال فقد ورد في ذلك حديث أبي أيوب الذي في صحيح مسلم وغيره أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: "من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله"، وهو حديث ثابت، والطعن فيه طعن في صحيح مسلم، وطعن في رواة الصحيحين، وقد رواه الإمام أحمد وأهل السنن من طرق عن سعد بن سعيد بن قيس أخو يحيى بن سعيد، وهو من العلماء المشهورين، وقد روى عن ستة عشر من الصحابة والتابعين، وروى عنه تسعة وعشرون من العلماء، منهم شعبة، والثوري، وابن عيينة، وابن المبارك، وابن جرير، وأخوه يحيى بن سعيد، وكلهم وثقوا به وتقبلوا روايته، وهذا الحكم لم يتفرد به أبو أيوب، فهناك حديث عن ثوبان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رواه الإمام أحمد برقم (22412)، وابن ماجة (1715)، وابن حبان كما في الإحسان (367)، والطبراني في مسند الشاميين (903)، والدارمي (1755)، والنسائي في الكبرى (2860)، وابن خزيمة في صحيحه (2115)، والطحاوي في مشكل الآثار (2348)، والطبراني في الكبير (1451)، والبيهقي (4/ 293)، والخطيب في التاريخ (200/ 362)، وصححه ابن حبان وابن خزيمة، ولما روى ابن حبان حديث أبي أيوب قال: (ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمر بن ثابت، ولفظه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير