وكأن حديث عائشة لم يبلغ بعض الناس من اهل العراق فكانوا يحرمون من ميقات اهل نجد فاستبعدوه ""وشكوالى عمر في حجهم ان قرن المنازل جور عن طريقهم فقال لهم انظروا حذوها من طريقكم فحد لهم ذات عرق"" نقله الامام ابن حزم رحمه الله في المحلى ورواه غيره
خامسا: بدراسة احاديث الميقات المكاني تجدها أزالت كل لبس عن حالات وقع النص عليها فيها وتركت الاجتهاد في بعضها وهذا بيانها
نصت على أماكن معينة بأسمائها تكون مبدا للاحرام هي:
ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل وذات عرق ويلملم وقد عينت هذه الاماكن لمن هي مواقيت لهم من اهل المدينة والشام ومصر والعراق ونجد واليمن فمن كان من اهل هذه المواقيت فتجاوزها
وهوينوي الحج والعمرة ولم يحرم منها فقد عصى ولزمه العقاب فقال بعض العلماء يجب عليه ان لم يتدارك بالرجوع الى الميقات الهدي باراقة دم وقال بعضهم ما اتاه باحرامه ذلك باطل فاسد لاغ .. وهؤلاء بنوا قولهم على قاعدة اصولية وهي ان النهي يقتضي الفساد والمتنسك بالحج او بالعمرة منهي عن تجاوز الميقات دون احرام ومن قال يجبره بالدم فهو جار على قاعدة ان النهي لا يقتضي الفساد فهو منتهي عن مجاورة الميقات ولكن ان تجاوزه عصى وصح حجه وعليه اراقة دم ومذهب مالك ان عليه الدم ولو رجع الى الميقات واحرم منه
2 ونصت ايضا على ان من مر بهذه الاماكن ممن ليس من اهلهن فان عليه ان يحرم منها فان مر بواحد منها وهو من اهل ميقات اخر ياتي في طريقه بعده فهل يبادر ويحرم او يجوز له ان يؤخر الى ان يصل الى ميقاته
ظاهر النص ان عليه ان يبادر بالاحرام لانه يصدق عليه انه مر بهن وبذلك حكم بعض العلماء
وافتوا بعصيانه ان تجاوز ذلك الميقات وقال بعضهم يجوز له ان يؤخر احرامه حتى يصل الى ميقاته ولا حرج عليه ومثال ذلك اهل مصر والشام والمغرب ميقاتهم الجحفة فان صادفان كانوا بالمدينة وقصدوا الى مكة فان ميقات اهل المدينة اول ما يصادفهم فهل يجب عليهم ان يبادروا بالاحرام من ذي الحليفة ام يجوز لهم ان يؤخروا احرامهم الى الجحفة في اقوال فقهائنا ان الافضل ان يحرم فان اخر فلا حرج
3/ من لم يكن من اهل هذه الاماكن وهو لا يمر بها لان منزل اهله اقرب الى مكة منها او كان منزله بمكة نفسها فقد نص الحديث انه يحرم من حيث انشأ النسك من بيت اهله فذلك هو ميقاته
4 بقيت حالة اخرى هي اذا لم يكن من اهلها ولم يكن طريقه يمر عليها ولم تشمله حالة ما من الحالات السابقة فمن اين يحرم
من العلماء من قال عليه ان يحرم اذا حاذى ميقاتا من المواقيت التي تصادفه في طريق مروره الى مكة واحتجوا بان اهل العراق لما شكو الى عمر رضي الله عنه ما يجدونه من مشقة بذهابهم الى قرن المنازل قال لهم انظروا حذوها من طريقكم فحد لهم ذات عرق قالوا فهذا دليل على ان من لم يكن من اهل الميقات ولم يمر به فعليه ان يحرم عند محاذاته لميقات يمر به فقول عمر انظروا حذوها دليل على وجوب الاحرام بالمحاذاة
ورد عليهم بان عمر لم يفتهم بالاحرام بمحاذاة ذات عرق بل عين لهم ما عينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ميقاتا برهان ذلك حديث عائشة رضي الله عنها ففيه نص على ان ذات عرق ميقات لاهل العراق معين واذا لم يرد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فذلك غيرقادح فيه لان حديث ابن عمر لم يرد فيه يلملم ميقاتا لاهل اليمن قال الزرقاني في شرح الموطأ " صحح الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية والرافعي في الشرح الصغير والنووي في شرح المهذب انه منصوص عليه وفي مسلم عن جابر" ومهل اهل العراق ذات عرق" فبطل الاحتجاج على وجوب الاحرام بالمحاذاة
على انه لو صح وجوب الا حرام بالمحاذاة لعين لهم عمر ميقاتا يحاذي اول ميقات يلقاهم في طريقهم وهو ميقات اهل المدينة ذو الحليفة وهوعلى بعد مائتي ميل ولم يتركهم الى ان يصلوا الى محاذاة اهل نجد وهو واقع على نحو اربعين ميلا
ومن العلماء من قال "اذا لم يكن الحاج من اهل الميقات ولا يمر به فيحرم من حيث شاء "ورجح هذا القول ابو محمد بن حزم رحمه الله اذ قال: ومن كان طريقه لا تمر بشيئ من هذه المواقيت فليحرم من حيث شاء برا او بحرافان اخرجه قدر بعد احرامه الى شيئ من هذه المواقيت ففرض عليه ان يجدد منها نية احرام ولابد اه انظره في المحلى
¥