و الروايتان نقلهما شراح خليل ومنهم صاحب شرح الجليل وتفيد الاولى انه ليس لراكب السفينة ان يحرم لانه في البحر ليس بمكان احرام اما الثانية ف "ترخص " له ان يحرم متى "حاذى"
الميقات
فالاصل عنده أن يؤخر الاحرام حتى ينزل الى البر وخلاف الاصل ان يحرم عندما يحاذي الجحفة هذا ما يفهم من الروايتين عن الامام ويعرف به مذهبه فهل لاحد ان ينقل عنه غيره؟ قال الشيخ عليش رحمه الله في شرحه بعد نقله الرواية الثانية "ونقله جماعة وأبقوه على ظاهر من عمومه بحر عيذاب وهو بحر القصير وبحر القلزم وهو بحر السويس"
قول مغاير لقول الامام
من المالكية من اخذ رواية الموازية عن الامام مالك على ظاهرها ومنهم من قيدها بما يخالف ظاهر مذهبه وهذا بيان ذلك
1 فالروايتان المتقدمتان: رواية ابن نافع بانه لا يرى الاحرام من السفن ومقتضاها أن ينظر الى ان نزل فان كان قبل الميقات المعين فميقاته ما يمر عليه وان كان دون الميقات اعتبر مكان نزوله ميقاتا له كما لو كان محل اهله
ورواية ابن المواز_ في الموازية_:" له ان يحرم اذا حاذى الجحفة ان كان من اهل مصر وما شابهها"
وتقتضي اللغة والاستعمال ان كلمة له ان يفعل كذا تفهم جواز الفعل وجواز الترك ولا حرج عليه في اي منهما فعل او ترك وهذا ما فهمه من نقل عن ابن المواز قال الشيخ عليش " نقله جماعة وابقوه على ظاهره من عمومه بحر عيذاب وهو بحر القصير وبحر القلزم وهو بحر السويس" اه
والمراد ببحر عيذاب الجزء الجنوبي من البحر ياتي منه جدة من جاء من الشرق الاقصى ومن جاء من شرقي افريقيا كجنوب مصر وكالسودان واريتيريا والحبشة الخ .. والمراد ببحر القلزم الجزء الشمالي من البحر الاحمر وهو طريق من ياتيه من مصر واوربا والمغرب والشام
تقييد سند يأتي بمذهب جديد
غير أن بعض المالكية قيدوا قول الامام وهو سند ومن تبعه فانه لما نقل رواية الموازية قيد قول الامام وجعل منه ما يبقي على عمومه ومنه ما يوجب الاحرام ايجابا ولكن للضرورة يرخص له في تركه ثم يوجب عليه الدم!
فهو في الحقيقة قول جديد غير مذهب الامام المفهوم من رواية ابن نافع وابن المواز
قال الشيخ عليش عند كلامه على كلام الموازية ": ونقله سند وقيده بالمسافر في بحر القلزم قال: لانه ياتي على ساحل الجحفة ثم يتركها خلفه ويتجاوزها الى جدة ولم يكن السفر في عيذاب معروفا في زمن الامام ومن قبله لانها كانت ارض مجوس واما اليوم فمن سافر فيه فلا يحرم حتى يخرج للبر لان في تقديمه ب "محاذاة " الميقات تغريرا وارتكاب خطير اذ ربما ردته الريح فيبقى محرما عمره وهو من اعظم الحرج والله تعالى يقول: وما جعل عليكم في الدين من حرج
ومثل هذا لو وجب لبينه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ولم ينقل عنهم فيه شيئ واذا ثبت جواز التاخير ثبت انه لا دم عليه مالم يدل دليل على لزومه ولا دليل
هذا ما نقوله من تقيييد سند والجزء الاول منه في غاية الوضوح وادلته قوية وبراهينه ساطعة من ان الاحرام في البحر عموما فيه حرج وتغرير وارتكاب خطر والله تعالى نفى الحرج في الدين
ومثل هذا لا يجوز ان يترك دون بيان ولو وجب لبينه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ولم ينقل عنهم فيه شيئ واذا ثبت جواز التاخير ثبت انه لا دم عليه مالم يدل دليل على لزومه ولا دليل
واما الجزء الاخير من تقييد سندبايجابه الاحرام من محاذاة ميقات الجحفة على راكب بحر القلزم ثم الترخيص له ان يؤخر الى جدة "لمضرة النزول" بمفارقة الرحل والخطر بخوف الريح اذا احرم في السفينة ثم بايجاب الدم عليه نظير ممنوعات الاحرام فانها تباح للضرورة مع الدم فالكلام في غاية اللبس والوهن والاضطراب وليس معهودا في الاحكام الشرعية وقد رده هو نفسه اعني سندا
بقوله "ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يبينه و لم ينقل لا عنه ولا عن اصحابه فيه شيئ ويقول ان التاخير مباح ومن البديهي ان المباح ما استوى طرفاه ويقول " هو جائز للمضرة وخوف الخطر" ويقول "اذا ثبت جواز التاخير ثبت انه لا دم عليه مالم يدل دليل على لزومه ولا دليل" ولنه يقول من ناحية اخرى " يباح له تاخير الاحرام بجدة وعليه الدم" فما هو الدليل؟
¥