أما عند أهل التحقيق فيكفي في ذلك فقدان النص بالاحرام من البحر بمحاذاة الميقات من الشارع ومثل هذا كما نقل سند وغيره لووجب لبينه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ولم ينقل عنهم فيه شيئ لذا قال مالك " لا يحرم المسافر في السفن" وكان السفر في البحر من والى الجزيرة معروفا معلوما للشارع
واما عند الذين قالوا بوجوب الاحرام او جوازه بالمحاذاة للميقات ثم اجازوا تاخيره حتى النزول الى البر فقد عللوا جواز التاخير بقولهم نقله عليش في شرحه على المختصر " انما قلنا بتاخيره للبر لان في تقديمه _ عند محاذاة الميقات_ تغريرا وارتكاب خطر وربما ردته الريح فيبقى محرما عمره
وهومن اعظم الحرج والله يقول وما جعل عليكم في الدين من حرج " ومثل هذا لو وجب لبينه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ولم ينقل عنهم فيه شيئ واذا ثبت جواز التاخير فانه لا دم عليه ما لم يدل دليل على لزومه ولا دليل" اه
وقالوا في التفرقة بين ركاب السفن الواردة من الشمال وبين الواردة من الجنوب ووجوب الدم على من اخر من الاولين وعدم وجوبه على من اخر من الاخرين
" اما من سافر في بحر القلزم فعليه الدم بتاخير الاحرام الى جدة لقدرته على النزول الى البر والاحرام من نفس الجحفة لكن لمضرة النزول بمفارقة الرحل والخطر بخوف رد الريح ان احرم في السفينة يباح له تاخير الاحرام لجدة وعليه الدم نظير ممنوعات الاحرام فانها تباح للضرورة مع الدم اه من نفس الشرح
فالضرورة هي علة القول بتاخير الاحرام الى جدة وقد ضرب علماؤنا امثلة لهذه الضرورة منها تغرير الانسان بنفسه واحتمال _مجرد احتمال- تعرضه لدفع الريح والامواج وابعاده عن الساحل وبقائه دهرا طويلا محرما مع ما في ذلك من حرج عظيم والدين يسر ما جعل الله علينا فيه من حرج
ومنها مضرة النزول _ولوكان ممكنا__ بمفارقة الرحل الخ فما دامت العلة قائمة عند من علل بالمشقة والضرر والحرج واحتمال الخطر فالحكم موجود ولقد لفت نظري طرافة من قال في التفرقة بين راكب بحر القلزم وراكب بحر عيذاب ان الاول يلزمه دم " لقدرته على النزول الى البر والاحرام من نفس الجحفة" هذا الكلام يصدق حقا على راكب قارب صغير يسير بالتجديف قرب الساحل او بعض مراكب النزهة الميكانيكية اليوم فهم الذين يمكنهم ان يسيروا بقرب الشاطئ ويقتربوا منه وينزلوا على انه يجب ان تكون لدى مستعمل ذلك خبرة واسعة بطبيعة الشاطئ عند الجحفة ومعرفة تامة وبالارساء بالبحرفقد يكون في القرب من الشاطئ بمركب من غير بحار خبير اكبر تغرير بنفسه وبرفاقه فهل يكون كل راكب للبحر قادر على النزول الى البر والاحرام من الجحفة؟ فان لم يفعل عوقب بوجوب اراقة دم لانه كان بامكانه النزول ولم ينزل؟
أحقا ان بامكان كل حاج النزول والاحرام
واما القول في المراكب والسفن المتوسطة والضخمة وان بامكان ركابها من الحجاج النزول حسب مشيئتهم والاحرام من الجحفة وان السفن التي يركبونها طوع ايديهم والبانية والنوتية والبحارة و شرطة خفر السواحل والجمارك كلهم طوع اشارتهم فان مثل هذا الكلام يستبعد ان يكتبه او يقوله عارف بالفقه خبير بالواقع والحياة الا ان تكون الحكومة السعودية الحاضرة قد انشات لهذه المهمة مرسى وضمنت النزول فيه واراحت المسلمين ممن يتمسك بالاعسر فالاعسر ويرفض اليسر في الدين وهو الذي دلت عليه النصوص الشرعية والرواية عن الائمة
ـ[ابو مسهر]ــــــــ[27 - 11 - 05, 06:42 م]ـ
الفصل الثامن من الباب الاول من القسم الثاني
من اين يحرم ركاب سفن السماء
لم يكن ركوب الطائرات كوسيلة من وسائل السفر الى الحج او غيره معروفا لاسلافنا وربما لم يكن مظنونا ولا متخيلا اللهم الا في مخيلات الدراويش المتعلقين بالاوهام المثبتين للكرامات لكل من هب ودب ولكتاب القصص كالف ليلة وليلة ومع ذلك اصبحت الطائرات في عصرنا واقعا محسوسا بل هي اكثر الوسائل استعمالا في الوصول الى بيت الله الحرام من الاقطار القصية
¥