تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واذا كان المسلمون قد عرفوا مواقيت الاحرام بالتحديد والتعيين من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسافري البر من كان من اهل الميقات ومن مر بها من غير اهلهن ومن كان دونهن حتى من كان من اهل مكة وجاء الفقهاء فاجتهدوا في حكم من لم يكن من اهله ولا مر به ولكن حاذاه في البر او البحر فاننا لا نجد اسلافنا من المجتهدين والفقهاء المؤلفين تعرضوا لحكم هذا النوع اعني المسافرين في الجو فلم يبق الا مراجعة النصوص الاصلية ودراسة المذاهب الاسلامية والاستاناس باقوال المتقدمين لاستنباط حكم تطمئن اليه النفوس وتستريح

وهذا ما فعل العلماء المعاصرون واذا كانوا قد اختلفوافي الوصول الى قول يقع عليه الاجماع فلا يشينهم هذا فقد اختلف الاقدمون قبلهم فيما ليس فيه نص بل حتى ما فيه نص اختلفت انظارهم في صحته او سقمه او في تاويله فلا يضير الاقدمين ولا المحدثين الاختلاف مادام الامر بعيدا عن

القول بمجرد الراي والهوى الموجب للفسق وقد يظهر القول شاذا عند بعضهم اعني العلماء فينبهون على شذوذه ولو صدر من كبار العلماء كما رأينا من حكم ابن عبد البر على اقوال صدرت من عطاء والحسن البصري وابراهيم النخعي في الاحرام ولكن لا يقدحون في قائله ولا يتهمونه

وهذه اداب اسلافنا في مناقشتهم وابحاثهم وبمثلها يسمو الفكر وتتجلى الحقائق ويتميز الصواب من الخطا لا بمثل ما راينا من بعض الاقوام الذين يرتمون على كل من خالف مذهبهم

وقال بغير ما عرفوا كجواز تاخير الاحرام لراكب الطائرة حتى النزول الى البر لان مذهب امامنا مالك ان لا احرام في سفن البحر لعدم ورود النص للضرورة فثاروا على هذا القول وعلى قائليه وقاموا

واقاموا الدنيا معهم ولم يقعدوا وحاولوا بكل طاقتهم ان يرجعوا من تجرأ على مثل هذا القول الى صوابه ومنهم من لم يتورع من اساءة الظن بالافراد وبالشعوب وعن الصاق التهم السخيفة بالانحراف والعمالة والالية وكانهم هداهم الله لم يعرفوا ان من اكبر انواع الانحراف اساءة ظن المسلم باخيه المسلم واباحة عرضه او دمه او ماله وان اباحة الدم توجب الخلود في النار بنص القران والعرض لا يقل خطورة عن الدم

راكب الطائرة كراكب السفينة

لم يرد نص خاص بميقات راكب السفينة قاصد مكة لاداء النسك مع وجود هؤلاء الركاب في عصر النبوة فليس هنالك نص بالاحرى والاولى في ركاب الطائرة وقد بدأ استعمالها في السفر الى الحج اثناء القرن الرابع عشر من الهجرة وقد راينا مذهب اسلافنا في ميقات ركاب البحر واسهبنا في الموضوع عند فقهاء المالكية من عصر امامهم حتى المتاخرين منهم

اما ركاب سفن الجو الطائرات اليوم وربما الصواريخ او اشياء اخرى ياتي بها الزمان غدا فانهم اذا نزلوا قبل المواقيت المحددة من النبي صلى الله عليه وسلم يحرمون من الميقات المحدد الذي سيمرون به

اما اذا كان المطار حيث تنزل الطائرة بهم واقعا دون هذه المواقيت فليكن لهم حكم اهله وليحرموا منه مادام اهله يحرمون منه وهوميقات لهم بالنص من الرسول عليه الصلاة والسلام

هل جدة ميقات؟

فنحن لا نقول ان جدة ميقات جديد بل هي لاهلها ميقات معين من صاحب الشريعة عليه الصلاة والسلام فمن سقط عليها من الجو كانت ميقاتا له ومن نزل بها من البحر وكان اول نزوله بها فهي ميقات له ولنا في هذا نص واضح من امام المالكية وفقهاء مذهبه كما تقدمت النقول عنهم

والمعتمد من اقوالهم فقد جاءت الرواية عنه لا يحرم المسافر في السفن ومعنى ذلك انه لا ميقات له مادام في السفينة فاذا نزل منها الى البر تعين مكان احرامه ان كان نزوله قبل الميقات فليسع الى الميقات المعين وان كان دونه فليحرم منه كما يحرم اهله

واذا جرى هذا وقيل به في راكب السفينة فان راكب الجو احرى به واولى ولا ينبغي ان ينازع في هذه الاحروية والاولوية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير