من دراسة كتب المصطلح وأتمها وعرف المراد بمصطلحات الأئمة منهجاً في
إتمام دراسته سواءً كان ذلك إرشاداً لدراسة كتب الرجال والطريقة المناسبة
أو عملاً وتمرناً على التخريج أو جرداً للسنةوشروحها
وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 09 - 02, 05:44 ص]ـ
الشيخ الفاضل الدكتور حمزة المليباري وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
أعتذر في البداية على أن سؤالي فيه إطالة، ولكنه معضلة في المصطلح والخلاف فيها واسع، ولم أجد من حرّر ذلك بتفصيلٍ يشفي الغليل ويطفئ الظمئ ويحلّ الإشكال. ألا وهي قضية توثيق من ليس له إلا بضعة أحاديث.
أقول إني أستطيع تصنيف منهج توثيق الرجال (متشدد أم متوسط أم متسهل). هذا في من كان كثير الحديث. أما من كان قليل الحديث فيختلف الأمر كثيراً. والناس فيه على مذاهب:
1) مذهب توثيق المجاهيل، حتى لو كانوا لا يعرفون عنهم شيئاً. وهو مذهب ابن حبان والعجلي وابن خزيمة والحاكم.
2) مذهب توثيق قليل الحديث، من ليس بالمشهور حتى لو لم يكن له إلا حديثٌ واحد. وهو مذهب محمد بن سعد (مع المدنيين)، وابن معين و النسائي وأبو نُعَيْم والبزّار وابن جرير الطبري والدارقطني والبزار وأبو زرعة الرازي. كل هذا وجدت من نصّ عليه ووجدته بالاستقراء كذلك.
3) مذهب الجمهور: لا يوثقون أحداً حتى يطلعون على عدة أحاديث له تكون مستقيمة. وبذلك يجزمون بقوة حفظ هذا الراوي. وهو مذهب غالب علماء الجرح والتعديل وبخاصة البخاري وأبي حاتم الرازي.
4) مذهب التضييق في هذا والتشديد في ذلك. كما يفعل ذلك ابن حزم وابن القطان الفاسي حتى أنهم قد يجهّلون أناساً من الثقات أو أناساً لا بأس بهم.
======
المذهب الأول والرابع مردودين. والثالث معتمد. لكن الإشكال في الثاني. ويعتمده أكثر المتأخرون، لكن فيه نظر.
والمشكلة في أصحاب المنهج الثاني يوثِّقون من كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابعٌ أو مشاهد، و إن لم يرو عنه إلا واحد و لم يبلغه عنه إلا حديث واحد. و قد يكتفي ابن معين بسماع عدد قليل من الأحاديث كما في محمد بن القاسم الأسدي (كذبه أحمد وأبو داود والدارقطني، وضعفه علماء الحديث كلهم إلا العِجلي وابن معين!).
قال المعلمي اليماني في كتابه التنكيل (1\ 67): «وكان ابن معين إذا لقي في رحلته شيخاً فسمع منه مجلساً، أو ورد بغدادَ شيخٌ فسمع منه مجلساً، فرأى تلك الأحاديث مستقيمة، ثم سُئِلَ عن الشيخ وثَّقه! وقد يتفق أن يكون الشيخ دجَّالاً استقبل ابنَ معين بأحاديث صحيحة، ويكون قد خلط قبل ذلك أو يخلط بعد ذلك. ذكر ابن الجنيد أنه سأل ابنَ معين عن محمد بن كثير القرشي الكوفي فقال: "ما كان به بأس" (وهو توثيق باصطلاحه). فحكى له أحاديث تُستنكر، فقال ابن معين: "فإن كان هذا الشيخ روى هذا فهو كذَّاب، وإلا فإني رأيتُ حديث الشيخ مستقيماً"». قلت: وهذا سبب الاختلاف الكبير الذي نجده أحياناً في أحكام ابن معين على الرجال.
وألحق السخاوي (كما في فتح المغيث) الدارقطني والبزار في توثيق المجهول إذا روى عنه اثنان كما يفعل ابن خزيمة وابن حبان. أما البزار فقد عُلِم تساهله. والدارقطني وجدته كذلك: يوثق أحياناً تابعين مجاهيل قليلي الحديث لم يوثقهم أحدٌ قبله. بل إن الدارقطني نص على ذلك في سننه (3/ 174).
أما أغلب علماء الحديث فلا يوثقون أحداً حتى يطلعون على عدة أحاديث له تكون مستقيمة، و تكثر حتى يغلب على ظنه أن الاستقامة كانت ملَكةً لذلك الراوي. ولذلك تجد البخاري دقيقٌ جداً في أحكامه، وإلا سكت عن الرجل. فإذا جاءك الحكم من البخاري بالتوثيق أو التضعيف فحسبُكَ به. وكذلك كان أبو حاتم شديدٌ في نخل الروايات. فإن لم يجتمع له عدد كافٍ لإصدار حكم على الراوي فإنه قد يسميه شيخاً أو يسكت عنه عادةً.
========
المشكلة يا شيخنا أننا لا يمكن أن نعرف قوة ضبط الراوي إلا بمقارنة حديثه مع حديث غيره. فإن كان له حديث كثير، يكون الحكم عليه ممكناً ودقيقاً. لكن المشكلة فيمن لم تكن له إلا بضعة أحاديث تفرد بها. فبالله عليك كيف نعرف إن كان ضابطاً أم لا؟
نعم، الأصل في المسلمين العدالة، لكن الكلام على الضبط.
¥