[قراءة الإمام من المصحف ... ؟]
ـ[المنتفض]ــــــــ[09 - 10 - 02, 10:29 م]ـ
أرجو الإفادة
ما القول الراجح فى حكم قراءة الإمام من المصحف فى الصلاة فرضا أو نفلا مع التفصيل بين الحالين والدليل فى كلا الأمرين؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[مسدد2]ــــــــ[10 - 10 - 02, 03:57 ص]ـ
حكم القراءة من المصحف في صلاة التراويح
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على رسوله الأمين و آله الطاهرين و الصحابة البررة و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، و بعد ..
فإن الصلاة خير موضوع، و هي باب الله الذي منه يلج العبد إلى مرضاته، و هي التي قال عنها الصادق الأمين: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح و أنجح، و إن فسدت فقد خاب و خسر". فرُبَّ عبد يُجوّد صلاته و يحّسنها بإطالة الركوع، و آخر ينير ليله بسجود طويل. و في شهر رمضان، شهر القرآن، تقوى العزائمُ و ترتفع متطلعة إلى الازدياد مِن سائر الخيرات بشكل عام، و إلى الازدياد من الصلاة و تلاوة القرآن بشكل خاص. ولمَّا كان المحفوظ من القرآن عند عامة الناس محدوداً، أقدَم بعض المصلين، فرادى أو أئمة أو مأمومين، على الشروع في الصلاة ممسِكاً بمصحف يقرأ منه و يتلو لنفسه أو للمأمومين أو مُصحِّحاً لإمامه. فاستدعت هذه الصورة المستحدثة فقهاءَ المذاهب و العلماء لإبداء ما يرونه الحكم الشرعي فيها، منعاً أو إباحة.
و كان شيخي، العلامة الفقيه نِظام بن محمد صالح يعقوبي البحريني حفظه الله، وهو ممن جمع بين التبحّر في الحديث وعلومه وبين التأصيل الفقهي، قد كَتب رسالةً في هذا الحكم الشرعي، صغيرة الحجم،كبيرة الفائدة، تُغني عن المطولات. فأحببت أن ألخصها، ليعمَّ نفعها، و لِيُعرف الحكم الشرعي، كما بدا لصاحب الرسالة المذكورة.
أولاً: ما ورد في المسألة من الروايات
قال الإمام البخاري رحمه الله في [صحيحه] في كتاب الأذان:
(باب إمامة العبد و المولى، و كانت عائشة يَؤمّها ذكوان من المصحف) أهـ وصحّح الحافظ ابنُ حَجر هذا الأثر في [تغليق التعليق] و ساقه مِن عدة أوجه. وقال في [الفتح]:
(استُدل به على جواز قراءة المصلي من المصحف، و مَنَع منه آخرون، لكونه عملاً كثيراً في الصلاة).
و علّق الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، على هذا بقوله:
(الصواب: الجواز، كما فعلت عائشة رضي الله عنها، لأن الحاجة قد تدعو إليه. و العمل الكثير إذا كان لحاجة و لم يتوال لم يضر الصلاة: لِحَمله صلى الله عليه وسلم أمامةَ بنت زينب في الصلاة) أهـ باختصار.
و قد بوّبَ الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في [المصنَّف] باباً: (في الرجل يؤم القومَ وهو يقرأ في المصحف) و ساق فيه عدة آثار، منها:
- عن أيوب (السختياني) قال: كان لا يُرى بأساً أن يؤم الرجلُ القوم يقرأ في المصحف.
- عن ثابت البُناني قال: كان أنس يصلي و غلامه يمسك المصحف خلفه، فإذا تعايا (أي أشكل عليه في التلاوة) فَتَحَ عليه.
ثم بوّب الإمام أبو بكر بن أبي شيبة باباً فيمن كرهه و مما ساق فيه:
- عن إبراهيم (النَّخَعي) و الحسن البصري: أنهما كرها أن يؤم الرجل في المصحف، كراهة أن يتشبهوا بأهل الكتاب.
- عن مجاهد و قتادة و عامر بن شراحيل الشَّعبي في كراهة ذلك.
و أجاز الإمام مالك القراءة من المصحف في قيام رمضان، و في [المدَّونة]:
(وقال ابن وهب: قال ابن شهاب: كان خيارنا يقرأون في المصاحف في رمضان، و قال مالك و الليث مثله)
و جوز الإمام الشافعي و الإمام أحمد -في رواية عنه- القراءةَ في المصحف مطلقاً – فرضاً و نفلاً.
و أمّا الإمام مالك، و الإمام أحمد – في الرواية الأخرى- فقد جوّزا ذلك في النوافل فقط.
و أما الإمام أبو حنيفة – رحمه الله تعالى- فقد منع من القراءة في المصحف في الصلاة: فرضاً أو نفلاً، لأنه عمل كثير عنده. و يمكن الإجابة عن ذلك بالآتي:
1 - العمل الكثير في الصلاة، إذا كان لحاجة جاز ما لم يتوال، كما تقدم عن الشيخ ابن باز.
2 - العمل إذا كان لصالح الصلاة جاز، كإتمام الصفوف إذا تخللها فراغ و نحو ذلك.
3 - كان هذا في السابق قبل اختراع المطابع و طبعِ المصاحف الصغيرة الحجم، الخفيفة الوزن، مما سهّل القراءةَ منها دون تكلّف أو كثرة حركة.
الخلاصة:
تبين لنا من العرض السابق أن للفقهاء في مسألتنا هذه ثلاثة أقوال:
¥