تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فضل خروج المرأة من بيتها إلى المسجد]

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 09 - 02, 05:32 ص]ـ

[فضل خروج المرأة من بيتها إلى المسجد]

قال الإمام ابن حزم الأندلسي في المحلى (4\ 198): «والآثار في حضور النساء صلاة الجماعة مع رسول الله r متواترة في غاية الصحة، لا ينكر ذلك إلا جاهل». وسرد بعض تلك الأحاديث ومنها ما اتفق عليه الشيخان. ثم قال: «فما كان –عليه السلام– ليدعهنّ يتكلّفن الخروج في الليل والغلس يحمِلن صغارهنّ، ويفرد لهنّ باباً، ويأمر بخروج الأبكار وغير الأبكار ومن لا جلباب لها فتستعير جلباباً إلى المصلى، فيتركهن يتكلّفن من ذلك ما يحطّ أجورهن، ويكون الفضل لهن في تركه؟! هذا لا يظنه بناصح للمسلمين إلا عديم عقلٍ، فكيف برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ الذي أخبر تعالى أنه {عزيزٌ عليه ما عَنِتّم، حريصٌ عليكم، بالمؤمنين رءوفٌ رحيم}». وقد أخرج مسلم في صحيحه (3\ 1472) قوله r: « إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم».

وقال كذلك في المحلى (3\ 132): «لو كانت صلاتهن في بيوتهن أفضل، لما تركهن رسول الله r يتعنين بتعب لا يجدي عليهن زيادة فضل أو يحطهن من الفضل. وهذا ليس نصحاً، وهو عليه السلام يقول: "الدين النصيحة"، وحاشا له عليه السلام من ذلك. بل هو أنصح الخلق لأمته. ولو كان ذلك، لما افترض عليه السلام أن لا يمنعهن، ولما أمرهنّ بالخروج تفلات. وأقل هذا أن يكون أمر ندبٍ وحض».

أما من يرى تحريم خروج المرأة للصلاة في المسجد فيستدلّ بما أخرجه مسلم عن أمنا عائشة t قالت: «لو أن رسول الله r رأى ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل».

قال الإمام ابن حزم: «وهذا لا حجة فيه لوجوه ثمانية: أولها: أن الله تعالى باعث محمد r بالحق موجب دينه إلى يوم القيامة الموحي إليه بأن لا يمنع النساء –حرائرهن وإماءهن، ذوات الأزواج وغيرهن– من المساجد ليلاً ونهاراً. قد عَلِمَ ما يُحدِث النساء، فلم يُحدِث تعالى لذلك منعاً لهن، ولا قال له: "إذا أحدثن فامنعوهن". والثاني: أنه –عليه السلام–، لو صحّ أنه لو أدرك أحداثهن لمنعهن، لما كان ذلك مبيحاً منعهن. لأنه –عليه السلام– لم يدرك فلم يمنع، فلا يحل المنع، إذ لم يأمر به –عليه السلام–. والثالث: أن من الكبائر نسخ شريعة مات –عليه السلام– ولم ينسخها، بل هو كفرٌ مجرَّد. والرابع: أنه لا حجة في قول أحد بعده –عليه السلام–. والخامس: أن عائشة r لم تقل: "إن منعهن لكم مباح"، بل منعت منه (قلت: ليس في كلامها أصلاً أنها منعت منه، وإنما ظنت أنه قد كن سيمنعن). وإنما أخبرت ظناً منها بأمرٍ لم يكن ولا تم. فهم مخالفون لها في ذلك. والسادس: أنه لا حدث منهنّ أعظم من الزنى. وقد كان فيهن على عهد رسول الله r. وقد نهاهن الله تعالى: عن التبرج، وأن {يَضرِبنَ بأرجُلِهنّ ليُعلم ما يخفين من زينتهن}. وأنذر –عليه السلام– بنساءٍ كاسياتٍ عارياتٍ مائلاتٍ مميلاتٍ رءوسهنّ كأسنِمة البخت لا يرحن رائحة الجنة. وعلم أنهنّ سيكنّ بعده، فما منعهن من أجل ذلك. والسابع: أنه لا يحلّ عِقابُ من لم يُحدِث من أجل من أحدث! فمن الباطل أن يمنع من لم يحدث من أجل من أحدث، والله تعالى يقول: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى}. والثامن: أنهم لا يختلفون في أنه لا يحل منعهنّ من التزاور، ومن الصفق في الأسواق، والخروج في حاجاتهن. وليس في الضلال والباطل أكثر من إطلاقهن على كل ذلك –وقد أحدث منهن من أحدث–، وتخصّ صلاتهن في المسجد الذي هو أفضل الأعمال بعد التوحيد بالمنع. حاشا لله من هذا. وما ندري كيف ينطلق لسان من يعقل بالاحتجاج بمثل هذا في خلاف السنن الثابتة المتواترة».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير