تنقسم الألفاظ التي تستخدم في حكاية الإجماع إلى أقسامٍ عدة مرتبة حسب القوة في الدلالة على الإجماع، والذي ذكره ابن عبد البر رحمه الله تعالى هذا من القسم الثالث، وهو " التعبير بنفي الخلاف " في المرتبة الثانية من عبارات نفي الخلاف، مع العلم أن أكثر من يحكي الإجماع إنما يعني به ما لم يعلم فيه خلافاً، ومن الناحية التطبيقية فقد اختلف أهل العلم في دلالاتها على الإجماع على أقوال:
القول الأول: " أنها تدل على الإجماع، وأنها مرادفه له "، وومن رأى هذا من الناحية العملية ابن عبد البر رحمه الله تعالى حيثُ لم يفرق بين الإجماع ونفي الخلاف.
ونسبَ للإمام الشافعي أيضاً حيثُ قال ابن نجيم في " البحر الرائق " (1/ 13): " قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في " الأم " (4/ 182): " لا نعلمُ خلافاً في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء، وهذا منه حكاية للإجماع " اهـ.
وذكر بعضهم أن مصطلح الشافعي في نفي الخلاف أن ينص البعض من العلماء ويسكت البعض؛ انظر: " منحة الخالق على البحر الرائق " (1/ 12).
وكذا رأى ابن قدامة كما في " المغني " (1/ 428)، والنووي في " المجموع " (2/ 384) أن الإجماع ونفي الخلاف بمعنى واحد، يثُ حكوا عبارة نفي الخلاف عن الترمذي في " سننه " (3/ 75) بلفظ الإجماع.
وقد حكى النووي أيضاً عبارة نفي الخلاف عن الشافعي بلفظ الإجماع كما في " المجموع " (5/ 444)، و " الأم " (2/ 37).
وكذا حكى المرداوي عبارة نفي خلاف عن الترمذي بلفظ الإجماع كما في " الإنصاف " (3/ 275)، وانظر: " سنن الترمذي " (3/ 75).
وكذا عبر ابن حجر عن عبارة لابن عبد البر فيها نفي الخلاف بلفظ الإجماع. انظر: " فتح الباري " (2/ 415)، و" موسوعة الإجماع " (1/ 31).
القول الثاني: " أنه لا يعد إجماعاً "، وقال به بعض الأصوليين كالصيرفي، ونسب لابن حزم، ونسب للشافعي أيضاً في قولٍ ثانٍ لهُ، كما نسب للإمام أحمد.
انظر: " البحر المحيط " (4/ 517)، و" الإحكام " لابن حزم (1/ 529)، و" مراتب الإجماع " (9).
القول الثالث: " أن العالم إذا كان محيطاً بالإجماع والخلاف فيكون نفي الخلاف منه إجماعاً صحيحاً، وإن لم يكن محيطاً بالإجماع والخلاف فلا يكون إجماعاً، وبه قال بعض الأصوليين.
انظر: " البحر المحيط " (4/ 517).
الفروق بين الإجماع ونفي الخلاف:
أولاً: أن الإجماع ما يجزم فيه العالم بالإجماع، ونفي الخلاف ما أصاب العالم فيه تردد جعله لا يجرؤ على نقل الإجماع الصريح.
ثانياً: عبارة نفي الخلاف قد يراد بها نفي خلاف محصور ببلد معين، أو مذهبٍ معين بحسب اصطلاح قائلها بخلاف عبارة الإجماع إذا أطلقت فالغالب أن المراد بها إجماع العلماء كلهم.
مراتب عبارة نفي الخلاف:
أولاً: " لا أعلمُ خلافاً بين المسلمين، أو بين الأمة، أو بين أهل الصلاة، أو أهل القبلة "، وما أكد منها أقوى مما لم يؤكد.
ثانياً: " لا خلاف بين السلف، أو بين الصحابة "، وما أكد منها أقوى مما لم يؤكد.
ثالثاً: " لا أعلمُ خلافاً بين العلماء، أو لا نزاع بين العلماء "، ونحوها.
رابعاً: " لا خلاف بين العلماء – فيما علمتُ "، وهذه دون التي قبلها لما فيها من التردد وعدم الجزم.
خامساً: " بلا خلاف، بغير خلاف "، ونحوها، وهذه أضعف العبارات لأنها قد يُراد بها نفي الخلاف في المذهب، وهذه عادة ما يستخدمها المصنفون في كتب المذاهب الفقهية، ويريدون بها نفي الخلاف في مذهبهم.
انظر: " مقدمة شرح الزركشي " (1/ 68).
مستفاد من " إجماعات ابن عبد البر في العبادات جمعاً ودراسة " (1/ 43 – 62)، وجزاكم الله خيراً
ـ[الأحمدي]ــــــــ[04 - 09 - 05, 11:20 م]ـ
قال إبن المنذر في الإجماع:
كتاب الوتر:
أجمعوا على أن مابين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[04 - 09 - 05, 11:34 م]ـ
-------
ـ[علاء شعبان]ــــــــ[05 - 09 - 05, 12:00 ص]ـ
وافق ابن عبد البر رحمه الله تعالى على حكاية الإجماع ابن المنذر في " الإجماع " صـ 41 كما ذكره الأخ الكريم الأحمدي.
وابن حزم في " مراتب الإجماع " (23):
" واتفقوا على أن ما بعد صلاة العتمة إلى طلوع الفجر آخر وقت للوتر " اهـ.
¥