تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال شيخ الإسلام وقوله: -تعالى-: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ النور يتناول الأقسام الثلاثة، فإنه أخبر أنه نور، وأخبر أن له نورا، وأخبر أنه كمشكاة فيها مصباح، ومعلوم أن المصباح الذي في المشكاة له نور يقوم به، ونور منبسط على ما يصل إليه من الأرض والجدران. اهـ.

وقال -رحمه الله-: وأيضا فهذا مثل اسمه السلام، فقد ثبت في صحيح مسلم عن ثوبان أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا، ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا لجلال والإكرام فأخبر أنه هو في نفسه السلام وأن منه السلام.

أنكرت المعتزلة والجهمية أن يكون الله نورا، وأن يوصف بالنور، وقالوا: إن النور الساطع الذي نراه في الأرض والجبال مخلوقا فلا يكون وصفا لله، وقالت الجهمية الله نور كله،؛ أي أنه نور حالٌ في الأرض، فرد عليهم الإمام أحمد في كتابه الرد على الزنادقة، فقال: إذا كان نورا فلماذا لا ينير البيت المظلم.

الله -تعالى- احتجب بالنور، كما في صحيح مسلم عن أبي موسى حجابه النور أو النار وفي حديث أبي ذر رأيت نورا وهذا النور الذي احتجب به الرب مخلوق، وإذا كان الحجاب نورا فكيف يحتجب بالنور من ليس بنور،؟ بل إن الحجاب إنما استنار بنور الله عز وجل.

مسمى النفس عند السلف هو الذات، فنفس الله هو الله والنفس تجمع الصفات كلها، فإذا نفيت النفس نفيت الصفات.

دلت النصوص على إثبات النفس لله، كقوله -تعالى-: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ وقوله: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ والناس لهم في النفس ثلاثة مذاهب:

1 - مذهب أهل السنة والجماعة: أن نفس الله هو الله وذاته لا صفة قائمة به، وهذا هو الذي قرره شيخ الإسلام والإمام أحمد وعثمان بن سعيد الدارمي وأبو بكر بن خزيمة فيما نقله عنهم، وكلام أحمد صريح في أن نفسه هي هو، وهي ذاته لا صفة لذاته.

2 - أن نفس الله صفة ليست هي ذاته، بل قائمة بذاته، في صفة زائدة على الذات، وهذا القول ضعيف ذهب إليه طائفة من المتأخرين، كالقاضي أبي يعلى فيما نقله عنه شيخ الإسلام ورد عليه وأطال.

3 - نفي النفس عن الله وإنكار نفس الله، وهذا مذهب الجهمية وهذا كفر.

من أسماء الله التي يسمى بها ويعبّد لله بها ما يأتي:

الجميل؛ لحديث: إن الله جميل يحب الجمال.

الطيب؛ لحديث: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.

المسعّر؛ لحديث: إن الله هو المسعر الباسط القابض.

الصمد: من أسماء الله العظيمة، الذي ورد في سورة الإخلاص، وقد جاءت الآثار عن الصحابة والتابعين في تفسيره ومعناه، وبعضها مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وسورة الإخلاص نزلت جوابا لبعض المشركين وأهل الكتاب لما قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: انسب لنا ربك.

وقد جاء في هذه الآثار التي ساقها شيخ الإسلام في نقض التأسيس في تفسير الصمد، من كتاب السنة للطبراني والسنة لابن أبي عاصم ثلاث تفسيرات وكلها حق، والاشتقاق واللغة تدل عليها:

الصمد: المجتمع الذي لا جوف له.

الصمد: السيد المصمود إليه المقصود في الحوائج.

الصمد: السيد الذي اكتمل سؤدده وكمل شرفه.

ولكن التفسير الأول هو الأصل، وهو الذي يدل عليه أصل الاشتقاق، وهو المناسب للجواب عن سؤال المشركين وأهل الكتاب.

والتفسير الثاني لا ينافي التفسير الأول، بل هو دال عليه وملزوم ولازم له؛ لأنه إن كان مجتمعا في نفسه غير محتاج إلى غيره دل على أنه مصمود إليه ومقصود في الحوائج، فالتفسير الثاني مقرر للتفسير الأول ودال عليه، فلا ينافي أن يكون هو في نفسه مجتمعا لا جوف له، بل كونه في نفسه كذلك هو الموجب لاحتياج الناس إليه، فإن الحاجة إلى الشيء فرع اتصافه في نفسه، فلا يكون الأثر منافيا للمؤثر، ولا يكون الملزوم منافيا للازم، بل الأثر والملزوم دليل على المؤثر واللازم، والصمد أكمل من أن يطلق على السيد، فكون المسمى بالصمد صمدا لغيره فرع كونه صمدا في نفسه: وقيل هو الذي لا يأكل الطعام، وقيل هو الباقي بعد خلقه، ومن السلف والأئمة من قال هذا وهذا، ومثل هذا كثير في تفسير معاني أسمائه كالرحمن والجبار والإله، وغير ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير