{لكم دينكم ولي دين}
بداية ينبغي أن نفهم معنى كلمة عيد لنتصوره جيدا؛ لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره. فكلمة عيد مأخوذة من "العَوْد" أي الرجوع. يقال للرجل الذي خرج من بيته ثم رجع إليه: عاد. فكل ما يعود يوميا أو أسبوعيا أو سنويا ... فهو عيد وإلى هذا يشير الجوهري في المختار بقوله: " والعيدُ: ما اعْتَادَكَ من همٍّ أو غيره (). قال الشاعر:
فالقَلْبُ يَعْتادُهُ من حُبِّها عيدُ
وقال آخر:
أمْسى بأسماءَ هذا القَلْبُ مَعْمودا إذا أقولُ صَحا يَعْتادُهُ عيدا
والعيدُ: واحد الأعياد، وإنما جمع بالياء وأصله الواو للزومها في الواحد، ويقال: للفرق بينه وبين أعواد الخشب" () والمعنى الشرعي للعيد لا يختلف كثيرا عن المعنى اللغوي وإلى ذلك يشير حديث النبي ? "َلاَ تَجْعَلُوا قَبْرِى عِيداً وَصَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِى حَيْثُ كُنْتُمْ" أي لا تجعلوا لقبري أياما ومواسم تعتادونها. ويشير إليه أيضا هذا الأثر " عن ابن شهاب قال: قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ عَلَيْنَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا} لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا" أي نحتفل به كل حين.
من هذا المنطلق فإن كل ما يعتاده الفرد أو الجماعة- فرحا أو حزنا () - يمارسون فيه شعائر معينة فهو عيد، لذلك يقول النبي ? عن يوم الجمعة " إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ"
والعيد عند المسلمين من جملة الدين الذي تعبدنا الله به، فعيد الأضحى عبادة حتى إن الأكل والشرب في ذلك اليوم عبادة فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ? {يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ} ويومئ إليه حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ {أَنَّ النَّبِيَّ ?كَانَ يُفْطِرُ عَلَى تَمَرَاتٍ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمُصَلَّى}.و لذلك فإن الصيام في يومي العيد حرام بالإجماع
ولما كانت الأعياد عبادة لم يجز لأحد أن يزيد عليها أو أن ينقص منها لقول النبي ? {مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ} أي: باطل. وكان النبي ? دائما ما يقول {وكلّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ} وإلى هذا يشير حديث أنس بن مالك {كَانَ لأَهْلِ الجاهليةِ يومانِ في كُلّ سنةٍ يَلْعبونَ فِيهِما فَلمّا قَدِمَ النبيُّ ? المدِينةَ قاَل: "كَانَ لَكمْ يوَمَانِ تَلعَبونَ فِيهِما وَقدْ أَبْدَلَكُمُ اللهُ بِهِما خَيْرا مِنْهُما يَومَ الفطرِ ويومَ الأضْحَى" وفي هذا الحديث فوائد:
1. أنه لا يجوز للمسلمين أن يبتهجوا أو يلعبوا لأجل أعياد الكفار كشم النسيم و رأس السنة ونحوهما حتى ولو كان اللهو مباحا بريئا لأن النبي نهاهم نهيا مطلقا ولم يقل لهم العبوا وافرحوا دون أن تفعلوا حراما
2. قول النبي ? "أبدلكم" يعني أنه لا يجتمع مع أعياد المسلمين أعياد أخرى لأن البدل لا يجتمع مع المبدل منه ()
3. عدم اعتراض الصحابة على أمر النبي أو مناقشته فيه قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}
من هنا اتفق العلماء العالِمين على تحريم الاحتفال بأعياد الكافرين () وفيما يلي نذكر أقوال العلماء بإيجاز:
¥