[أحكام يجهلها كثير من الناس .. اللقطة]
ـ[وائل النوري]ــــــــ[02 - 12 - 05, 03:12 ص]ـ
[أحكام يجهلها كثير من الناس .. اللقطة]
قال القرافي في الذخيرة (7/ 253): خمس اجتمعت الأمة المحمدية على حفظها، ووافقها في ذلك جميع الملل التي شرعها الله تعالى:
النفس، والعقل: فتحرم المسكرات بجميع الشرائع، وإنما اختلفت الشرائع في اليسير الذي لا يفسد العقل، فحرمناه تحريم الوسائل ـ ما أسكر كثيره فقليل حرام وأباحه غيرنا لعدم المفسدة.
والأعراض: فيحرم القذف والسباب،
والأنساب: فيحرم الزنى.
والأموال: فتحرم إضاعتها والسعي في ذلك بفعل أو ترك. اهـ
فحفظ مال المسلمين واجب، وهو من الأمانة التي حملها الإنسان، لكنه كان فيها ظلوما جهولا.
فكثير هم أولئك الذين يجهلون أحكام ومسائل اللقطة، بل لا يعرفون حتى هذه اللفظة، وأفضلهم من يحملها على اللقيط.
فهذا بيان أردت به تقريب هذه السنة النبوية لعموم المسلمين، وإبراء الذمة، والله تعالى من وراء القصد.
قلت: النظر في اللقطة يحتاج إلى تفصيل لا يسعه هذا المقام، وقد لا يحتاجه كثير من الناس، فالمقصود والمطلوب بيان ما يتعلق به الواجب في حق المسلم من حكم وعمل.
فالكلام عن جملتين. الجملة الأولى: في الأركان. والجملة الثانية: في الأحكام.
فأما الأولى: فأركان اللقطة ثلاثة: لقطة، والتقاط، وملتقط.
والنظر سيكون في الركنين الأولين.
1 ـ اللقطة.
اللام والقاف والطاء أصل صحيح يدل على أخذ شيء من الأرض قد رأيته بغتة ولم ترده، وقد يكون عن إرادة وقصد أيضا. منه لقط الحصى وما أشبهه.
واللقطة: من لقط يلقط لقطا والتقطه أخذه من الأرض.
وروى أبو عبيد عن الأصمعي والأحمر قالا: هي اللقطة والقصعة والنفقة مثقلات كلها. قال: وهذا قول حذاق النحويين لم أسمع لقطة ـ بتسكين القاف ـ لغير الليث.
وقال عياض: لا يجوز غيره. وهو قول الفراء وابن الأعرابي.
وفي الاصطلاح:
قال ابن الأثير في النهاية (4/ 264): كل مال معصوم معرض للضياع لا يعرف مالكه.
وقال ابن العربي المالكي في العارضة (6/ 110): الشيء الذي يجده المرء في الأرض لا صاحب له ولا يد عليه.
قلت: لا فرق بين مال المسلم ومال الذمي في كونه معصوما، ودليل الأخير: " ألا لا يحل ذو ناب من السباع، ولا الحمار الأهلي، ولا اللقطة من مال معاهد، إلا أن يستغني عنها". رواه أبو داود بسند صحيح
قال الصنعاني: وهذا محمول على التقاطها من محل غالب أهله أو كلهم ذميون، وإلا فاللقطة لا تعرف من مال أي إنسان غند التقاطها. السبل (3/ 187)
وتطلق اللقطة على غير الحيوان وهذا الأخير يقال له ضالة. وفيه الخلاف. انظر مثلا: غريب الحديث (2/ 202) و شرح معاني الآثار (4/ 139) والقرطبي (9/ 135ـ 138) والفتح (5/ 361)
تنقسم اللقطة باعتبار القيمة إلى قسمين:
أ ـ لقطة معتبرة
ب ـ لقطة يسيرة أو حقيرة
فأما الأخيرة فهي التي لا تتعلق بها النفوس، من مأكول أو شيء حقير.
لحديث أنس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق قال:" لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها ".رواه البخاري
ولحديث علي أنه وجد دينارا فأتى به فاطمة فسألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هو رزق الله عز وجل ". فأكل منه رسول الله r وأكل علي وفاطمة، فلما كان بعد ذلك أتته امرأة تنشد الدينار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي أد الدينار".
صححه الحافظ في التلخيص (3/ 75) والألباني في صحيح أبي داود (2/ 137ـ138).
وأما اللقطة المعتبرة فهي اللقطة التي تتعلق بها النفوس أو لقطة ذي بال أو خطر.
فعن سويد بن غفلة قال: لقيت أبي بن كعب فقال: أصبت صرة فيها مائة دينار، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "عرفها حولا "، فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها .. فقال: "احفظ وعاءها وعددها وِوكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها ". رواه البخاري ومسلم
والشاهد منه قوله " مائة دينار" فهذا مال معتبر.
فإن قيل: ما أدنى المعتبر؟. قلت: العبرة بالعرف، وذلك يختلف زمانا ومكانا.
واللقطة أنواع، وذلك باعتبار الجنس أو المكان أو الزمان، وفيه تفصيل ليس هذا محل النظر فيه.
2 ـ الالتقاط.
هو فعل اللاقط الذي يأخذ ما وجد على الأرض.
فهل يكره التقاط اللقطة أم الأفضل التقاطها؟
قلت: الجواب من وجوه.
¥