قلت: ومما يدل على تحريم عدم الإعطاء لمن يسأل به تعالى حديث ابن عمر (من استعاذكم بالله؛ فأعيذوه، ومن سألكم بالله؛ فأعطوه، ومن دعاكم؛ فأجيبوه، [ومن استجار بالله؛ فأجيروه]، ومن أتى إليكم معروفا؛ فكافئوه، فإن لم تجدوا؛ فادعوا الله له حتى تعلموا أن قد كافأتموه) , وحديث ابن عباس مرفوعاً (من استعاذ بالله فأعيذوه , ومن سألكم بوجه الله فأعطوه) , ويدل على تحريم السؤال به تعالى حديث: (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة) , ولكنه ضعيف الإسناد , كما بينه المنذري وغيره , ولكن النظر الصحيح يشهد له , فإنه إذا ثبت وجوب الإعطاء لمن سأل به تعالى كما تقدم , فسؤال السائل به قد يعرض المسؤول للوقوع في المخالفة , وهي عدم إعطائه إياه ما سأل , وهو حرام , وما أدى إلى محرم فهو حرام , فتأمل.
ولقد كره عطاء أن يسأل بوجه الله أو بالقرآن شئ من أمور الدنيا.
ووجوب الإعطاء إنما هو إذا كان المسؤول قادراً على الإعطاء , ولا يلحقه ضرر به أو بأهليه , وإلا , فلا يجب عليه , والله أعلم.
بطلان الحديث الشائع: لهم ما لنا وعليهم ما علينا
303 - (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنْ يَسْتَقْبِلُوا قِبْلَتَنَا وَيَأْكُلُوا ذَبِيحَتَنَا وَأَنْ يُصَلُّوا صَلَاتَنَا فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ [فقد] حُرِّمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ).
في هذا الحديث دليل على بطلان الحديث الشائع اليوم على ألسنة الخطباء والكتاب: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في أهل الذمة: (لهم ما لنا , وعليهم ما علينا).
وهذا مما لا أصل له عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بل هذا الحديث الصحيح يبطله , لأنه صريح في أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما قال فيمن أسلم من المشركين وأهل الكتاب , وعمدة أولئك الخطباء على بعض الفقهاء الذين لا علم عندهم بالحديث الشريف , كما بينته في الأحاديث الضعيفة والموضوعة , فراجعه , فإنه من المهمات.
وللحديث شاهد بلفظ آخر , وهو:
304 - (من أسلم من أهل الكتاب؛ فله أجره مرتين، وله مثل الذي لنا، وعليه مثل الذي علينا، ومن أسلم من المشركين، فله أجره، وله مثل الذي لنا، وعليه مثل الذي علينا).
إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ
331 – (إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ).
والرقى: هي هنا كل ما فيه الاستعاذة بالجن أو لا يفهم معناها مثل كتابة بعض المشايخ من العجم على كتابهم لفظة (يا كبيكج) لحفظ الكتب من الأرضة زعموا.
والتمائم: جمع تميمة , وأصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين , ثم توسعوا فيها , فسموا بها كل عوذة.
قلت: ومن ذلك تعليق بعضهم نعل الفرس على باب الدار , أو في صدر المكان , وتعليق بعض السائقين نعلاً في مقدمة السيارة أو مؤخرتها , أو الخرز الأزرق على مرآة السيارة التي تكون أمام السائق من الداخل , كل ذلك من أجل العين زعموا.
وهل يدخل في - التمائم – الحجب التي يعلقها بعض الناس على أولادهم أو على أنفسهم إذا كانت من القرآن أو الأدعية الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ للسلف في ذلك قولان , أرجحهما عندي المنع , كما بينته فيما علقته على الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية.
والتولة: بكسر التاء وفتح الواو , ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره , قال ابن الأثير: (جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى).
الملائكة فقط هم الذين خلقوا من نور
458 - (خلقت الملائكة من نور، وخلق إبليس من نار السموم، وخلق آدم عليه السلام مما قد وصف لكم).
في الحديث إشارة إلى بطلان الحديث المشهور على ألسنة الناس: (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر) , ونحوه من الأحاديث التي تقول بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلق من نور , فإن هذا الحديث دليل واضح على أن الملائكة فقط هم الذين خلقوا من نور , دون آدم وبنيه , فتنبه ولا تكن من الغافلين.
¥