فإذا عرفت ما تقدم من البيان , فالحديث من الأدلة الكثيرة على رد الزيادة في الدين والعبادة , فتأمل في هذا واحفظه , فإنه ينفعك إن شاء الله تعالى في إقناع المخالفين , هدانا الله وإياهم صراطه المستقيم.
وفي الحديث النهي عن التسمية بـ (يسار) و (رباح) و (أفلح) و (نجيح) , ونحوها , فينبغي التنبه لهذا , وترك تسمية الأبناء بشئ منه , وقد كان في السلف من دعي بهذه الأسماء , فالظاهر أنه كان ذلك لسبب عدم علمهم بالحديث إذا كان من التابعين فمن بعدهم , أو قبل النهي عن ذلك إذا كان من الصحابة رضي الله عنهم , والله أعلم.
استحباب رقية المسلم لأخيه المسلم بما لا بأس به من الرقى
472 - (مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ).
أخرجه مسلم , وابن حبان , وأحمد , والخرئطي من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله يقول: "أرخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رقية الحية لبني عمرو".
قال أبوالزبير: سمعت جابر بن عبدالله يقول: " لدغت رجلاً منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رجل: يارسول الله أرقي؟ قال: فذكره".
وفي رواية لمسلم وأحمد من طريق أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ لِي خَالٌ يَرْقِي مِنْ الْعَقْرَبِ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّقَى قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قد نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى وَأَنَا أَرْقِي مِنْ الْعَقْرَبِ فَقَالَ: (فذكره).
وفي الحديث استحباب رقية المسلم لأخيه المسلم بما لا بأس به من الرقى , وذلك ما كان معناه مفهوماً مشروعاً , وأما الرقى بما لا يعقل معناه من الألفاظ , فغير جائز , قال المناوي: "وقد تمسك ناس بهذا العموم , فأجازوا كل رقية جربت منفعتها , وإن لم يعقل معناها , لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع , وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه , فيمنع احتياطاً".
قلت: ويؤيد ذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يسمح لآل عمرو بن حزم بأن يرقي إلا بعد أن اطلع على صفة الرقية , ورآها مما لا باس به , بل إن الحديث بروايته الثانية من طريق أبي سفيان نص في المنع مما لا يعرف من الرقى , لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى نهياً عاماً أول الأمر ثم رخص فيما تبين أنه لا باس به من الرقى , وما لا يعقل معناه منها لا سبيل إلى الحكم عليها بأنه لا بأس بها , فتبقى في عموم المنع , فتأمل.
وأما الاسترقاء – وهو طلب الرقية من الغير – فهو وإن كان جائزاً , فهو مكروه , كما يدل عليه حديث: (هم الذين لا يسترقون .... ولا يكتوون ولا يتطيرون , وعلى ربهم يتوكلون) متفق عليه.
وأما ما وقع من الزيادة في رواية لمسلم: (هم الذين [لا يرقون و] يسترقون ... ) , فهي زيادة شاذة , ولا مجال لتفصيل القول في ذلك الآن من الناحية الحديثية , وحسبك أنها تنافي ما دل عليه هذا الحديث من استحباب الترقية , وبالله التوفيق.
اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ
746 - (اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي سُوَرٍ من القرآن ثَلَاثٍ "الْبَقَرَةِ" و"َآلِ عِمْرَانَ" وَ"طه").
أخرجه ابن معين في ((التاريخ والعلل)) (10/ 152/2)،وابن ماجه (3856)،والطحاوي في (مشكل الآثار) (1/ 63)،والفريابي في (فضائل القرآن) (184/ 1)، وتمام في (الفوائد) (36/ 2)، وأبو عبدالله بن مروان القرشي في (الفوائد) (25/ 110/2) والسياق له، والحاكم (1/ 506)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق) (14/ 155) من طريق عبدالله بن علاء قال: سمعت القاسم أبا عبدالرحمن يخبر عن أبي إمامة مرفوعاً به. قال القاسم أبو عبدالرحمن:
((فالتمست في (البقرة) فإذا هو في آية الكرسي (اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم) وفي (آل عمران) فاتحتها: (اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وفي (طه)، (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ)).
(فائدة): قول القاسم أن الاسم الأعظم في آية (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) من سورة (طه) لم أجد في المرفوع ما يؤيده فالأقرب عندي أنه في قوله في أول السورة (إنني أنا الله لا إله إلا أنا. .) فإنه الموافق لبعض الأحاديث الصحيحة فانظر ((الفتح)) (11/ 225)، ((وصحيح أبي داود)) (1341).
¥