(تنبيه) واعلم أن المقصود بـ ((الأمة)) هنا غالبها، للقطع بأنه لابد من دخول بعضهم النار للتطهير، أفاده المناوي، خلافاً لمن جهل، انظر ((الاستدراك)) (13).
كتاب التوبة والمواعظ والرقانق
خصال توجب الجنة
88 - (ما اجتمع هذه الخصال في رجل في يوم، إلا دخل الجنة).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ).
وفي هذا الحديث فضلية أَبُو بَكْرٍ الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , والبشارة له بالجنة , والأحاديث في ذلك كثيرة طيبة.
وفيه فضلية الجمع بين هذه الخصال في يوم واحد , وأن اجتماعها في شخص بشير له بالجنة , جعلنا الله من أهلها.
المعاصي هي سبب القحط والجور وغيرها من المصائب
106 - (يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ).
السنن: جمع سنة , أي: جدب وقحط.
يتخيروا , أي: يطلبوا الخير , أي: وما لم يطلبوا الخير والسعادة مما أنزل الله.
ولبعض الحديث شاهد من حديث بريدة بن الحصيب مرفوعاً بلفظ:
107 - (ما نقض قوم العهد قط، إلا كان القتل بينهم، وما ظهرت فاحشة في قوم قط، إلا سلط الله عز وجل عليهم الموت، ولا منع قوم الزكاة، إلا حبس الله عنهم القطر).
من هم َالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ
162 - (لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ [أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ]).
أخرجه الترمذي , وابن جرير , والحاكم , والبغوي , وأحمد , من طريق , مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَتْ عَائِشَةُ أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ قَالَ (فذكره).
والسر في خوف المؤمنين أن لا يقبل منهم عبادتهم , ليس هو خشيتهم أن لا يوفيهم الله أجورهم , فإن هذا خلاف وعد الله إياهم في مثل قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) النساء173 , بل إنه ليزيدهم عليها , كما قال: (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) فاطر 30 , والله تعالى لا يخلف وعده , كما قال في كتابه , وإنما السر أن القبول متعلق بالقيام بالعبادة كما أمر الله عز وجل , وهم لا يستطيعون الجزم بأنهم قاموا بها على مراد الله , بل يظنون أنهم قصروا في ذلك , ولهذا فهم يخافون أن لا تقبل منهم.
فليتأمل المؤمن هذا عسى أن يزداد حرصاً على إحسان العبادة والإتيان بها كما أمر الله , وذلك بالإخلاص فيها له , واتباع نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هديه فيها , وذلك معنى قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف 110.
ثم رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية كلاماً جيداً حول هذا الحديث بنحو ما ذكرت , فراجعه في رسالته في التوبة (1/ 257 - جامع الرسائل).
مثل الدنيا
382 - (إن مطعم ابن آدم قد ضرب للدنيا مثلا؛ فانظر ما يخرج من ابن آدم - وإن قزحه وملحه - قد علم إلى ما يصير).
قزحه: بتشديد الزاي , هو من القزح , وهو التوابل , يقال , قزحت القدر , إذا طرحت فيها الأبزار.
ملحه: بتخفيف اللام , أي , ألقى فيه الملح بقدر للإصلاح , يقال منه , ملحت القدر بالتخفيف , وأملحتها وملحتها , إذا أكثرت ملحها حتى تفسد.
¥