حدثنا يزيد بن هارون قال: أنا قزعة بن سويد قال: سألت ابن أبي مليكة عن الرجل يعطس وهو على الخلاء؟ قال: يحمد الله.
وفي العلل لابن أبي حاتم رقم (124):
وسألت أبا زرعة عن حديث: خالد بن سلمة، عن البهي، عن عروة، عن عائشة، قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه».
فقال: ليس بذاك، هو حديث لا يروى إلا من ذي الوجه.
فذكرت قول أبي زرعة لأبي رحمه الله فقال: الذي أرى أن يذكر الله على كل حال، على الكنيف وغيره، على هذا الحديث.
وبوب ابن ماجه في سننه 1/ 270: «باب ذكر الله عز و جل على الخلاء والخاتم في الخلاء» ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان يذكر الله على كل أحيانه».
وبوب أبو عوانة في مستخرجه 1/ 184:
بيان ما يقال عند دخول الخلاء، والدليل على إباحة ذكر الله والدعاء في الموضع الذي يتغوط فيه، وبيان إباحة ذكر الله في الأحوال كلها وجميع المواضع.
وذكر حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان يذكر الله على كل أحيانه».
وقال القاضي عياض في إكمال المعلم 2/ 230:
وقد اختلف السلف والعلماء فى هذا الحديث «كان إذا دخل الخلاء»، فذهب بعضهم إلى جواز ذكر الله فى الكنيف وعلى كل حال، ويحتج قائله بهذا وبحديث ذكر النبى صلى الله عليه وسلم على كل أحيانه، وبقوله: {إِلَيْهِ يصعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّب}.
وهو قول النخعي والشعبي وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن سيرين ومالك بن أنس، وروي كراهيةُ ذلك عن ابن عباس وعطاء والشعبي وغيرهم.
وفي الشرح الكبير 1/ 191: قال رحمه الله: (ولا يتكلم) لما روى عبد الله بن عمر قال: مر بالنبي صلى الله عليه وسلم رجل فسلم عليه وهو يبول فلم يرد عليه. رواه مسلم.
ولا يذكر الله تعالى على حاجته بلسانه.
روي كراهة ذلك عن ابن عباس وعطاء.
وقال ابن سيرين والنخعي: لا بأس به.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد السلام الذي يجب رده، فذكر الله أولى.
فإن عطس حمد الله بقلبه ولم يتكلم، وقال ابن عقيل: فيه رواية أخرى: أن يحمد الله بلسانه. والأول أولى لما ذكرناه، وروى أبو سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فان الله يمقت على ذلك» رواه أبو داود وابن ماجه.
وفي تفسير القرطبي 5/ 466:
قوله تعالى: (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) ذكر تعالى ثلاث هيئات لا يخلوا ابن آدم منها في غالب أمره، فكأنها تحصر زمانه.
ومن هذا المعنى قول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه».أخرجه مسلم.
فدخل في ذلك كونه على الخلاء وغير ذلك.
وقد اختلف العلماء في هذا، فأجاز ذلك عبد الله بن عمرو وابن سيرين والنخعي، وكره ذلك ابن عباس وعطاء والشعبي.
والاول أصح لعموم الآية والحديث.
قال النخعي: لا بأس بذكر الله في الخلاء فإنه يصعد.
المعنى: تصعد به الملائكة مكتوبا في صحفهم، فحذف المضاف.
دليله قول تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)، وقال: (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين).
ولأن الله عزوجل أمر عباده بالذكر على كل حال ولم يستثن، فقال: (اذكروا الله ذكرا كثيرا) وقال: (فاذكروني أذكركم)، وقال: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) فعم. فذاكر الله تعالى على كل حالاته مثاب مأجور إن شاء الله تعالى ...
وكراهية من كره ذلك إما لتنزيه ذكر الله تعالى في المواضع المرغوب عن ذكره فيها، ككراهية قراءة القرآن في الحمام، وإما إبقاء على الكرام الكاتبين على أن يُحِلَّهم موضع الأقذار والأنجاس لكتابة ما يلفظ به. والله أعلم.
وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام مع حاشية الصنعاني 1/ 225:
وذكر الله مستحب في ابتداء قضاء الحاجة؛ فإن كان المحل الذي تقضى فيه الحاجة غير معد لذلك - كالصحراء مثلا - جاز ذكر الله في ذلك المكان.
وإن كان معدا لذلك - كالكُنُف - ففي جواز الذكر فيه خلاف بين الفقهاء، فمن كرهه فهو محتاج إلى أن يؤول قوله «إذا دخل» بمعنى إذا أراد؛ لأن لفظة «دخل» أقوى في الدلالة على الكنف المبنية منها على المكان البراح، أو لأنه قد تبين في حديث آخر المراد حيث قال صلى الله عليه و سلم: «إن هذه الحشوش محتضرة فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل .. » الحديث.
¥