تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يدلك كما قال العلماء: على أن إرادة الحياة الدنيا وأن إرادة المال أو إرادة الجاه أو إرادة السمعة بأمر هو من العبادات أن هذا قادح في الإخلاص في ذلك. وقد ذكر العلماء على هذه الآية ذكروا أربع صور كما هو في شروح كتاب التوحيد، وقد ساق الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هذه الآية في أن من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا، وذكروا منها الإمام والمؤذن لا يؤم ولا يؤذن إلا بما يأخذه من الدنيا، وهذا قدح في الإخلاص.

ولهذا قال العلماء: إنما يأخذه الإمام أو المؤذن من رَزق يفرضه ولي الأمر للإمام أو المؤذن إنما هو رَزق له ليستعين به على أداء هذا الواجب الشرعي، واجب التأذين وواجب الإمامة، فالتأذين واجب كفائي، والإمامة كذلك، وهذان الواجبان الشرعيان يفرض لمن قامت عليهما رزق من بيت المال يعينه على أداء ذلك؛ ولكن لا يكون قصد الإمام أو قصد المؤذن ما يأخذه، فإن أخذ أدى التأذين أو الإمامة، وإن لم يأخذ لم يؤدِّ، فإن هذا ليس من الإخلاص.

ولهذا كان ابن عمر رضي الله عنهما يطوف بالكعبة فأتاه رجل وسلم عليه فلم يرد عليه السلام، فقال لابن عمر: يا ابن عمر لم ترد علي السلام. قال: نعم إنك مؤذن تأخذ على أذانك أجرا. والفرق بين الأجر والرَّزق في هذا أن الأجر يقول ومن يريد هذا العمل أعطوني كذا وإلا لا أؤذن لكم، أعطوني كذا وكذا على الصلاة أو على الفرض الواحد وإلا لا أؤدي لكم، فمن قال ذلك فإنه يريد أن يستأجر لأداء هذا العمل العبادي، فليس جائزا أن يجاب على ذلك؛ بل يجب على من يكون عنده أهلية لذلك أن يقوم به عند فقد من يقوم به من جهة التطوع.

وهذا الأصل العظيم إذا تحرّكت به النفوس فإنه يكون أداء الأمانة في ذلك أعظم ما يكون في أنه يؤذن لله ويؤم الناس لله، وحينئذ إذا أذن لله وأمّ لله فإنه إذا أتاه شيء من الرزق أو من المال أو من السكنى فإنه تعينه على أداء طاعة الله جل وعلا وليست مقصودة في نفسها.

وهذا مما ينبغي أن يحاسب كل إمام وكل مؤذن نفسه على ذلك في أن يوطن نفسه على الإخلاص وعلى الصدق في أداء هذه العبادة، ولا يقول مثلا: أنا والله صليت أربع فروض اليوم صليت في الأسبوع ما غبت في هذا الأسبوع إلا مرة إلا مرتين هذا المنطق ليس شرعيا؛ بل يجب عليه أن يحاسب نفسه على صغير الأمر وكبيره] (1). من محاضرة مفرغة لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ بعنوان: "" توجيهات للأئمة والمؤذنين "".

والمبحث الذي سأتكلم به إنما هو اشتراط الإمام أو المؤذن مالا معينا أجرة على إمامته أو أذانه، فخرج به الرزق من بيت مال المسلمين، وخرج به فيما لو أعطي من شخص ما أو أشخاص دون اشتراط ولا تحديد لمال معين، فأما الرزق من بيت مال المسلمين فقد اتفق العلماء على جوازالرزق من بيت المال.

والرزق: هو المال الذي يعينه الإمام من بيت مال المسلمين للمجاهدين والقضاة والأئمة والمؤذنين وغيرهم انظر"الموسوعة الكويتية ف ك الجزء 1 ص 7797".

قال الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى - في [الأم ج2/ص 84 ط. دار الوفاء] في كتاب الصلاة.باب عدد المؤذنين وأرزاقهم

: [وأحب أن يكون المؤذنون متطوعين، وليس للإمام أن يرزقهم ولا واحدا منهم وهو يجد من يؤذن له متطوعا ممن له أمانة إلا أن يرزقهم من ماله. ولا أحسب أحدا ببلد كثير الأهل يعوزه أن يجد مؤذنا أمينا لازما يؤذن متطوعا فإن لم يجده فلا بأس أن يرزق مؤذنا ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز له أن يرزقه من غيره من الفيء لأن لكله مالكا موصوفا. ولا يجوز له أن يرزقه من الصدقات شيء شيئا،ويحل للمؤذن أخذ الرزق إذا رزق من حيث وصفت أن يرزق ولا يحل له أخذه من غيره بأنه رزق].

وقال الموفق ابن قدامة المقدسي في المغني ج2 ص 70 ط. عالم الكتب:

[ولا نعلم خلافا في جواز أخذ الرزق عليه (أي الأذان)]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات:

[وأما ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضا و أجرة بل رزق للإعانة على الطاعة، فمن عمل منهم لله أثيب، وما يأخذه فهو رزق للمعونة على الطاعة، وكذلك المال الموقوف على أعمال البر والموصى به كذلك، والمنذور كذلك ليس كالأجرة].

وقال الخرشي في شرحه على "مختصرخليل":ج1 ص 236:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير