43. قوله (على أي وجهٍ كان): يعني إلى جهة القبلة, وإلى غير جهة القبلة, وهو ثابت, وهو ماشٍ, وهو راكب. لكن هذا الحديث ضعيف كما قال الحافظ, بل منكر, في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف جداً عند أهل العلم, وأخرج النسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى هذه الصلاة بذي قَرَد, صلاها بذي قَرَد بهذه الكيفية ركعة على أي وجهٍ كان, وذو قَرَد موضع قرب المدينة.
44. قال الحافظ في الفتح: قد روي في صلاة الخوف كيفيات كثيرة, ورجح ابن عبد البر الكيفية الواردة في حديث ابن عمر - الذي في الصحيحين - لقوة الإسناد وموافقة الأصول في أن المؤتم لا تتم صلاته قبل الإمام. ولذا نوى المأموم الانفراد ثم سلم قبل الإمام لم تصح صلاته على كلام ابن عبد البر بل لا بد أن ينتظر, فإذا افترضنا شخصاً يصلي المغرب خلف آخر يصلي العشاء ولما قام الإمام إلى الرابعة في العشاء ونوى المأموم الانفراد - لأنه لا يجوز له أن يتابعه - ثم جلس للتشهد فإنه ينتظر حتى يسلم الإمام على كلام ابن عبد البر, وغيره يقول إنه ما دام نوى الانفراد فحكمه حكم المنفرد فيسلم متى شاء.
45. في حديث صالح بن خوات الطائفة الأولى تتم صلاتها قبل الإمام, وفي حديث ابن عمر لا يسلمون قبل الإمام لا الطائفة الأولى ولا الثانية.
46. قال الحافظ في الفتح: وقال ابن حزم صح منها أربعة عشر وجهاً, وقال ابن العربي فيها روايات كثيرة أصحها ست عشرة رواية مختلفة, وقال النووي نحوه في شرح مسلم ولم يبينها. قال الحافظ: وقد بينها شيخنا الحافظ أبو الفضل - يعني العراقي – في شرح الترمذي وزاد وجهاً فصارت سبعة عشر وجهاً, ولكن يمكن أن تتداخل - أي هذه الأوجه -.
47. شرح الحافظ العراقي على جامع الترمذي هو تكملة لشرح ابن سيِّد الناس, وهو من أعظم شروح الترمذي, وهو محقق الآن, ولو طُبِع وتداوله طلاب الناس لأمكن أن يغنيهم عن جميع شروح الترمذي.
48. قال الحافظ: وقال في الهدي النبوي - يعني ابن القيم في زاد المعاد – صلاها النبي عليه الصلاة والسلام عشر مرات, وقال ابن العربي صلاها أربعاً وعشرين مرة, وقال الخطابي صلاها النبي عليه الصلاة والسلام في أيام مختلفة بأشكال متباينة يتحرى فيها ما هو الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة فهي على اختلاف صورتها متفقة المعنى.
49. لا بد من تحري الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة, فيُخَتار من الصور الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الخوف بما يُتَحقق به الأمران.
50. بعض أهل العلم إذا اختلف الرواة في سياق خبر جعل الخبر متعدداً والقصة متعددة ولو كان مرد هذا الاختلاف إلى اختلاف الرواة أنفسهم في الخبر الواحد.
51. حديث ابن عمر (ليس في صلاة الخوف سهو): في سنن الدار قطني من حديث ابن عمر, تفرد به عبد الحميد بن السَّرِي وهو ضعيف, وهو في الطبراني من حديث ابن مسعود وهو ضعيف أيضاً.
52. قوله (ليس في صلاة الخوف سهو): أي ليس في صلاة الخوف حكم السهو الذي يترتب عليه السجود, والخوف مظنة للسهو والغفلة والانصراف عن الصلاة, لكن الخبر ضعيف.
53. ذكر الشارح بعض الشروط التي اشترطها بعض أهل العلم, من هذه الشروط السفر لقوله تعالى (إذا ضربتم في الأرض) فلا تُفعَل صلاة الخوف في الحضر, ولذا لم يفعلها النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة الخندق لأنها في الحضر, وإن كانت على قول جمهور أهل المغازي والسير بعد غزوة ذات الرقاع, والجمهور على أنه لا يشترط السفر, بل إذا وُجِد الخوف صحت, وكونه عليه الصلاة والسلام لم يصلِّ صلاة الخوف في الخندق لأنها لم تكن شرعت على ما سبق تقريره عن الإمام البخاري وابن القيم.
54. اشترط بعضهم أن يكون فعل صلاة الخوف في آخر الوقت بحيث يجزم أو يغلب على ظنه أنه لن يصلي صلاة أمن, لكن ليس له دليل, وهذا نظير ما قالوا في التيمم, قالوا لا يصلي بالتيمم حتى يضيق عليه الوقت ويجزم أنه لن يجد الماء في الوقت.
55. اشترط بعضهم حمل السلاح حال الصلاة, وهذا اشترطه داود, فلا تصح صلاة الخوف إلا لمن حمل السلاح. نعم حمل السلاح واجب, لكن لا أثر له في الصلاة, لأن مخالفة هذا الواجب وارتكاب المحظور بوضع السلاح من غير حاجة أمر خارج عن الصلاة فلا أثر له فيها.
¥