الحد الثاني لسلاح الفراغ الذي يدمر به المرء ذاته وأسرته ومجتمعه الذي يعيش فيه وأقرب مثال انظر لبعض أحوال الشباب وهم يقضون فراغهم في مثل هذه الأيام في التسكع في الأسواق وطرقات الناس ودوران والتفحيط في شوراع المدن وإزعاج المسلمين وأذية المارين هل هؤلاء استفادوا من أوقاتهم وإجازاتهم أم هم أضروا بأنفسهم وأموالهم؟! الجواب يدركه والحمد لله كل ذي عقل رشيد؟
جاء عند البخاري – رحمه الله - عن ابن عباسٍ رضيَ اللّه عنهما قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (نِعمتانِ مَغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصِّحة، والفراغ).
َوقال تبارك وتعالى: (فإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ*وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)
قال ابن كثير – رحمه الله – (وقوله تعالى "فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب" أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها فانصب إلى العبادة وقم إليها نشيطا فارغ البال وأخلص لربك النية والرغبة) فينبغي على أولياء الأمور الحرص على من ولاهم الله من الرعية كالأبناء والبنات وحفظهم من السوء وأهله الذين ينشطون هذه الأيام لإفساد الشباب وغوايتهم مستقلين فراغهم من الدراسة وعدم ارتباطاتهم بما يسد عليهم وقت فراغهم من الأمور النافعة في الدنيا والآخرة،فمجالات الخير واسعة بحمد الله ودور تحفيظ القرآن ومراكز توجيه الشباب والاعتناء بهم كثيرة في بلادنا المباركة فلا تبخلوا على أنفسكم وتزهدوا في الأجر فإنه بها حفظ الدين والدنيا،حببوا لهم الطاعة واشغلوهم بها قبل أن يشغلوكم بمشاكلهم التي يوقعهم بها قرناء السوء،كونوا لهم الصدر المفتوح والقلب المشفق واللسان الناصح واليد الحانية ولا تنسوهم من دعواتكم الصالحات الخالصات.
الثمرة العاشرة: نعيم الجنة لا يزول ولا يحول:
بقي أن نقول اصبروا يا عباد الله على الحر فالدنيا دار ممر و ليست دار مقر ومهما تنعم بها المتنعمون إلا أنهم لن يذكروا منه شياً قط في دار الآخرة جاء في سنن ابن ماجه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «يُؤْتَى? يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنَ الْكُفَّارِ. فَيُقَالُ: اغْمِسُوهُ فِي النَّارِ غَمْسَةً. فَيُغْمَسُ فِيهَا. ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: أيْ فُلاَنُ هَلْ أَصَابَكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لاَ مَا أَصَابَنِي نَعِيمٌ قَطُّ. وَيُؤْتَى? بِأَشَدِّ الْمُؤْمِنِينَ ضُرًّا وَبَلاَءً. فَيُقَالُ: اغْمِسُوهُ غَمْسَةً فِي الْجَنَّةِ. فَيُغْمَسُ فِيهَا غَمْسَةً. فَيُقَالُ لَهُ: أَيْ فُلاَنُ هَلْ أَصَابَكَ ضُرٌّ قَطُّ أَوْ بَلاَءٌ؟ فَيَقُولُ: مَا أَصَابَنِي قَطٌّ ضُرٌّ وَلاَ بَلاَءٌ».
فأين تلك السفرات والسهرات والضحكات هل سيذكون منها شيئاً يوم القيامة؟
وهل سوف تشفع لهم أموالهم وأنسابهم ومعارفهم عند الله شيئاً؟
قال تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ) وقال تعالى: َ (بَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قال اللهُ: أعدَدتُ لِعبادي الصالحينَ ما لا عَينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعت، ولا خَطرَ على قلبِ بَشَر. فاقرؤوا إن شِئتم: {فلا تَعلمُ نَفس ما أخفِيَ لهم مِن قُرَّةِ أعيُن}
فالبدار البدار إلى دار السلام ورؤية العلاّم،،،
وإِنما يحمد القوم السرى عند الصباح:
فحيّ على جنات عدن فإِنها منازلك الأُولى وفيها المخيم ولكننا سبى العدو، فهل ترى نعود إِلى أَوطاننا ونسلم
¥