تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان النبي - صلى الله عليه وسلم- صادق الاعتماد والتوكل على الله أرأيته وهو قافل من الطائف بعد أن لقي ما لقي من الأذى؟ ما الذي صنعه؟ إلى من توجه ليذهب عنه حزنه؟ أليس قد لجأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله - عز وجل - وهو يناديه في تضرع خاشع: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي ... ) فينزاح الهم والكرب، ويزول الحزن، ويقوى اليقين، ويعظم الإيمان، وتنقشع الغمة، وتعلو الهمة.

ويوم واجه النبي - صلى الله عليه وسلم - أضعاف من معه من المؤمنين في جيش قريش،في يوم بدر توجه - عليه الصلاة والسلام - إلى الله - جل وعلا -: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض .. ) فما زال يهتف بربه ماداً يديه، مستقبلاً القبلة حتى سقط رداءه من منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، فقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك إنه سينجز لك ما وعدك.

في أحرج موقف، وعند التقاء الصفوف وتكاثر الأعداء، يستعين النبي - صلى الله عليه وسلم - برب الأرض والسماء.

أما رأيناه في الأحزاب ** إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10] في هذا الموقف كبّر النبي - صلى الله عليه وسلم – وبشّر بفتح قصور كسرى وقيصر وكانت النتيجة؟ ** فرد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خير وكفى الله المؤمنون القتال}.

ويوم توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر لقتال فلول اليهود المتجمعة فيها، استعان بقوة الله، وقال وهو مقبل على ديارهم .. (الله أكبر .. الله أكبر، خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين).

هكذا يكون دائماً صادق الالتجاء إلى الله، يواجه كل خطب بالاستعانة بالله، فينتصر بإذن الله - سبحانه وتعالى - فالصبر زاد المؤمنين، والنصر عقبى الصابرين، والقادر الجبار نعم العون إن عز المعين.

لابد من أوبة صادقة، وإنابة مخلصة، والتجاء حقيقي حار مخلص لله - سبحانه وتعالى -،: ** ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير} فلنعد إلى الله ونتخلى عن كل ما سواه ** والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد}.

ولقد كان رسولنا - صلى الله عليه وسلم – يعلمنا صدق اللجوء إلى الله ففي الصحيحين من حديث ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم).

وفي حديث أسماء بنت عميس عند أبي داود بسند حسن، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاطبها فقال: ألا أعلمكِ كلمات تقوليهن عند الكرب! قالت: بلى يا رسول الله، فقال لها: قولي (الله ربي ولا أشرك به شيئا).

فالله هو الذي بيده كل شيء، وهو التي تنفذ مشيئته في كل شيء، وهو الذي تنتصر قدرته على كل شيء - سبحانه وتعالى -، ولذلك ينبغي لنا أن نحرر هذا الأمر في واقع حياتنا بصدق اليقين بالله - سبحانه وتعالى - وأن الأمر كله بيد الله، و أن النصر من عند الله، وأن القوة كلها لله، وأن العزة كلها لله.

لقد لقن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المعاني لان عباس حين قال له وهو رديفه: (يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك ... تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، وأن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك).

وكما بيّن - عليه الصلاة والسلام - في رواية أخرى لهذا الحديث: (وأعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك).

من كان هذا يقينه، فأي شيء يرهبه؟ ومن كان هذا إيمانه، فأي شيء يخيفه؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير