تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[باب الاختتان للعلامة عبدالله بن صوفان القدومي النابلسي الحنبلي رحمه الله تعالى]

ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[02 - 05 - 09, 12:48 ص]ـ

يقول الشيخ عبدالله بن صوفان النابلسي الحنبلي رحمه الله تعالى: (و من الحوادث العلمية ما مر بنا حال قرآتنا لحصة في الفقه الحنبلي بالحرم النبوي و كان ذالك في باب الاختتان.

سألني صاحبنا الفاضل ما دليل وجوب الختان على من بلغ؟

قلت قوله صلى الله عليه و سلم لرجل أسلم (ألق عنك شعر الكفر و اختتن)، و الأصل في الأمر الوجوب، فقال (أي صاحب الشيخ) ان اقترانه بالقاء شعر الكفر يدل على الاستحباب لا على الوجوب لأن الكافر اذا أسلم يسن له حلق شعر رأسه، فقلت له (أي الشيخ) ان دلالة الاقتران لا يحتج بها لضعف، ألا ترى انه يجمع في الأوامر بين ما هو واجب و مستحب و في النواهي بين ما هو محرم و مكروه، كما ورد في الصحيح نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن مهر البغي و عن ثمن الكلب و عن حلوان الكاهن و عن كسب الحجام، مع أن كسب الحجام مكروه تنزيها، و لأنه صلى الله عليه و سلم احتجم و أعطى الحجام أجرة، و في الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (حق المسلم على المسلم خمس، رد السلام و عيادة المريض، و اتباع الجنائز، و اجابة الدعوة و تشميت العاطس اذا حمد)، و من المعلوم أن هذه الحقوق منها ما هو واجب و منها ما هو مسنون مؤكد، فدلالة الاقتران لا يحتج بها و الله أعلم.

ثم ان لفظة القدوم (بتشديد الدال) رويت في الحديث مخففة (أي الحديث الآتي) و هو الأشهر، ورويت مشددة، و القدوم اسم لآلة النجار على الوجهين، و قيل أنه بالتشديد اسم مكان بالشام، و في شرح منظومة الآداب ما هذا لفظه عند قول صاحب المتن: (الحديث السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: (الفطرة خمس: الختان و الاستحداد و قص الشارب و تقليم الاظافر و نتف الابط) انتهى، قال في الشرح (و الختن قطع بعض مخصوص من عضو مخصوص و هو مصدر ختن، قال ابن القيم: و الختان اسم لفعل الخاتن و قد يسمى به موضع الختن، و منه قوله صلى الله عليه و سلم (اذا التقى الختانان و جب الغسل)، و سئل الامام أحمد كم يقطع في الختانة؟ فقال حتى يبدو الحشفة، و قال الميموني صاحب الامام أحمد قلت لأبي عبدالله ختان ختن صبيا فلم يستقص أخذ الجلدة، فقال اذا كان الختان قد جاوز نصف الحشفة الى فوق فلا يعتد به (أي بالختان)، و قال أبو البركات في كتابه الغاية (يؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة و ان اقتصر على أخذ أكثرها جاز) و مثله ما نقله الحافظ ابن حجر عن الماوردي انه قال (ختان الذكر قطع الجلدة التى تغطي الحشفة و المستحب أن تستوعب كلها) انتهى، و قد اختلف الأئمة في وجوب الختان، فمذهب الامام أحمد وجوبه عند البلوغ و قبله أفضل، و نقل عن الامام مالك انه قال (من لم يختتن لم تصح امامته) و نقل كثير من الفقهاء عن الامام مالك أنه سنة، حتى قال القاضي عياض و الاختتان عند مالك و عامة العلماء سنة، و لكن السنة عندهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض و الندب، و الا فقد صرح مالك بعدم قبول شهادة الاقلف (أي غير المختتن)، و قال ابن القيم: قال الحسن و أبو حنيفة لا يجب الختان بل هو سنة، و من أحسن ما يستدل به على وجوبه ان الله تعالى أمرنا باتباع خليله ابراهيم في قوله (ثم أوحيانا اليك أن اتبع ملة ابراهيم حنيفا) الآية، و لم تزل الأنبياء من بعده على هذه الطريقة، قال عبدالله بن الامام أحمد حدثني أبي قال حدثنا اسماعيل بن ابراهيم قال حدثنا سعيد بن أبي عكرمة عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال (الأقلف لا تحل له صلاة و لا تؤكل ذبيحته و لا تجوز له شهادة) انتهى، فالختان من أظهر شعائر الاسلام التى يفرق بها بين بين المسلم و النصراني، و المقصود الاعظم من الختان التحرز من احتباس البول تحت القلفة، فتفسد الطهارة و الصلاة، و أول من اختتن ابراهيم و هو امام الحنفاء، و في الصحيحين (اختتن ابراهيم و هو ابن ثمانين سنة بالقدوم)، و هي بتخفيف الدال اسم لآلة النجار، و يروي بالتشديد، قبل هو اسم مكان بالشام، قال ابن القيم: (و الراجح أن المراد به الآلة لحديث أبي يعلى أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (أمر ابراهيم بالختان، فاختتن بقدوم فاشتد عليه فأوحى الله اليه عجلت قبل أن نأمرك بآلته، فقال يا رب كرهت أن أؤخرك امرك) انتهى، و القول بأن القدوم اسم لآلة النجار سواء كان مخففا أ و مشددا هو المشهور، و قال الهروي في الغريبين: (انه اسم مكان يقال أنه مقيلة و قيل أنه اسم قرية في الشام)، قال خاتمة المحققين الامام محمد السفاريني قلت (و لعله البلدة المسماة بكفر قدوم فان بها دكانا يزعمون أنه الذي اختتن به ابراهيم عليه السلام)، (قلت و كفر قدوم هي قرية المؤلف، و هي من أعمال نابلس)، و ذكر لي غير واحد من أهلها أن اليهود كانت تزوره و تعظمه، و قال لى نحو ذالك أيضا صاحبنا الفاضل الشيخ عيسى القدومي الحنبلي، ثم قال و منعناهم من ذالك، و جزم غير واحد ان اسم الآلة بالتخفيف، و اثبت بعضهم الوجهين و الله أعلم.

و نقله محبكم

محمود غنام المرداوي الحنبلي أصلحه الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير