إذا كان الرقيق مسلماً فما وجه ملكه بالرق؟ مع أن سبب الرق الذي هو الكفر ومحاربة الله ورسله قد زال.
ـ[سيف جمعه]ــــــــ[27 - 04 - 09, 10:35 م]ـ
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: " وسبب الملك بالرق: هو الكفر، ومحاربة الله ورسوله، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار: جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين " انتهى من " أضواء البيان " (3/ 387).
وقال أيضاً:
فإن قيل: إذا كان الرقيق مسلماً فما وجه ملكه بالرق؟ مع أن سبب الرق الذي هو الكفر ومحاربة الله ورسله قد زال.
فالجواب: أن القاعدة المعروفة عند العلماء وكافة العقلاء: أن الحق السابق لا يرفعه الحق اللاحق، والأحقية بالأسبقية ظاهرة لا خفاء بها.
فالمسلمون عندما غنموا الكفار بالسبي: ثبت لهم حق الملكية بتشريع خالق الجميع، وهو الحكيم الخبير، فإذا استقر هذا الحق وثبت، ثم أسلم الرقيق بعد ذلك كان حقه في الخروج من الرق بالإسلام مسبوقاً بحق المجاهد الذي سبقت له الملكية قبل الإسلام، وليس من العدل والإنصاف رفع الحق السابق بالحق المتأخر عنه كما هو معلوم عند العقلاء.
نعم، يحسن بالمالك ويجمل به أن يعتقه إذا أسلم، وقد أمر الشارع بذلك ورغَّب فيه، وفتح له الأبواب الكثيرة. فسبحان الحكيم الخبير (وتمَّت كلمة ربِّك صدقاً وعدلا لا مبدِّل لكلماته وهو السميع العليم) الأنعام/115.
فقوله: (صدقاً) أي: في الأخبار، وقوله: (عدلاً) أي: في الأحكام.
ولا شك أن من ذلك العدل: الملك بالرق وغيره من أحكام القرآن.
وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم " انتهى من "أضواء البيان" (3/ 389).
ولقد كان الأسر في الحروب من أظهر مظاهر الاسترقاق , وكل حرب لابد فيها من أسرى , وكان العرف السائد يومئذ أن الأسرى لا حرمة لهم ولا حق، وهم بين أمرين إما القتل وإما الرق، ولكن جاء الإسلام ليضيف خيارين آخرين: المن والفداء، قال الله تعالى: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) محمد/4.
ففي غزوة بدر أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الفداء من أسرى المشركين وأطلق سراحهم، وأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً من الأسرى في غزواته مجاناً، منَّ عليهم من غير فداء، وفي فتح مكة قيل لأهل مكة: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
وفي غزوة بني المصطلق تزوج الرسول أسيرة من الحي المغلوب ليرفع من مكانتها , حيث كانت ابنة أحد زعمائه , وهي أم المؤمنين جويرة بنت الحارث رضي الله عنها، فما كان من المسلمين إلا أن أطلقوا سراح جميع هؤلاء الأسرى.
فالإسلام ليس متعطشا لدماء الأسرى، بل ولا متعطشا حتى لاسترقاقهم.
ومن هذا تدرك الصورة المحدودة والمسالك الضيقة التي يلجأ إليها في الرق , وهو لم يلغه بالكلية , لأن هذا الأسير الكافر المناوئ للحق والعدل كان ظالماً، أو معيناً على ظلم، أو أداة في تنفيذه أو إقراره , فكانت حريته فرصة لفشو الطغيان والاستعلاء على الآخرين، والوقوف في وجه الحق، ومنعه من الوصول إلى الناس.
إن الحرية حق أصيل للإنسان، ولا يسلب امرؤ هذا الحق إلا لعارض نزل به , والإسلام – عندما قبل الرق في الحدود التي أوضحناها – فهو قيّد على إنسان استغلَّ حريته أسوأ استغلال .... فإذا سقط أسيراً إثر حرب عدوان انهزم فيها، فإن إمساكه بمعروف مدة أسره تصرف سليم.
ومع كل هذا فإن فرصة استعادة الحرية لهذا وأمثاله في الإسلام كثيرة وواسعة.
كما أن قواعد معاملة الرقيق في الإسلام تجمع بين العدالة والإحسان والرحمة.
فمن وسائل التحرير: فرض نصيب في الزكاة لتحرير العبيد , وكفارات القتل الخطأ والظهار والأيمان والجماع في نهار رمضان , إضافة إلى مناشدة عامة في إثارة للعواطف من أجل العتق والتحرير ابتغاء وجه الله.
للإطلاع على باقي الموضوع:
http://www.islam-qa.com/ar/ref/94840