تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال البخاري في " صحيحه " ((7)): وقال ابنُ أبي مُليكة: أدركتُ ثلاثين من أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهم يخافُ النفاقَ على نفسه.

ويُذكر عن الحسن قال: ما خافه إلاَّ مؤمِنٌ، ولا أمنه إلا منافق ((8)). انتهى.

وروي عن الحسن أنَّه حَلَفَ: ما مضى مؤمِنٌ قطُّ ولا بقي إلا وهو من النفاق مُشفِق، ولا مضى منافق قط ولا بقي إلا وهو من النفاق آمن. وكان يقول: من لم يخفِ النفاق، فهو منافق ((9)).

وسَمِعَ رجل أبا الدرداء يتعوَّذُ من النفاق في صلاته، فلما سلَّم، قال له: ما شأنك وشأنُ النفاق؟ فقال: اللهمَّ غفراً - ثلاثاً - لا تأمن البلاءَ، واللهِ إنَّ الرجل ليُفتَنُ في ساعةٍ واحدة، فينقلِبُ عن دينه ((10)). والآثار عن السَّلف في هذا كثيرة جداً. قال سفيان الثوري: خلافُ ما بيننا وبين المرجئة ثلاث، فذكر منها قال: نحن نقول: النفاق، وهم يقولون: لا نفاق ((11)).

وقال الأوزاعي: قد خاف عمر النفاقَ على نفسه، قيل له:

إنَّهم يقولون:

إنَّ عمر لم يَخَفْ أنْ يكونَ يومئذ منافقاً حتى سأل حُذيفة، ولكن خاف أنْ يُبتلى بذلك قبل أنْ يموت، قال: هذا قولُ أهل البدع، يشير إلى أنَّ عمر كان يخاف النفاقَ على نفسه ((12)) في الحال، والظَّاهر أنَّه أراد أنَّ عمر كان يخاف على نفسه في الحال من النفاق الأصغر، والنفاق الأصغر وسيلةٌ وذريعةٌ إلى النفاق الأكبر، كما أنَّ المعاصي بريدُ الكفر، فكما يخشى على من أصرَّ على المعصية أنْ يُسلَبَ الإيمانَ عندَ الموت، كذلك يخشى على مَنْ أصرَّ على خصالِ النفاق أنْ يُسلَبَ الإيمانَ، فيصير منافقاً خالصاً.

وسُئِلَ الإمامُ أحمد: ما تقولُ فيمن لا يخاف على نفسه النفاق؟ فقال: ومن يأمنُ على نفسه النفاق؟ وكان الحسن يُسمي من ظهرت منه أوصافُ النفاق العملي منافقاً، وروي نحوه عن حذيفة.

وقال الشعبي: من كذب، فهو منافق ((13))، وحكى محمد بن نصر المروزي هذا القول عن فرقةٍ من أهل الحديث، وقد سبق في أوائل الكتاب ذكرُ الاختلاف عن الإمام أحمد وغيره في مرتكب الكبائر: هل يسمي كافراً كفراً لا يَنقلُ عن الملة أم لا؟ واسمُ الكفر أعظم من اسم النفاق، ولعلَّ هذا هوَ الذي أنكره عطاءٌ عن الحسن إن صحَّ ذلك عنه ((14)).


(1) أخرجه: المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " (685) عن عمر بن الخطاب موقوفاً.
(2) أخرجه: المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " (682)، وابن بطة في " الإبانة " (914)
و (928).
(3) 9/ 89 (7178).
(4) مسند الإمام أحمد 5/ 384، وهو أثر قويٌّ بطرقه.
(5) أخرجها: أحمد 5/ 386.
وأخرجه: ابن بطة في " الإبانة " (915)، وأبو نعيم في " صفة النفاق ونعت المنافقين "
(118)، وهو أثر قويٌّ بطرقه.
(6) أخرجه: المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " (686)، والفريابي في " صفة المنافق " (81)، وأبو نعيم في " الحلية " 2/ 307.
(7) ذكره البخاري 1/ 19 معلقاً، وأخرجه في " التأريخ الكبير " 5/ 43 (6482) موصولاً.
(8) ذكره البخاري 1/ 19 معلقاً، وأخرجه: البيهقي في " شعب الإيمان " (859) موصولاً.
(9) أخرجه: المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " (687)، والفريابي في " صفة المنافق " (87).
(10) أخرجه: الفريابي في " صفة المنافق " (73) و (74)، والبيهقي في " شعب الإيمان "
(857).
(11) أخرجه: الفريابي في " صفة المنافق " (93)، ومن طريقه الذهبي في " سير أعلام النبلاء " 11/ 162.
(12) سأل أبان الحسن فقال: هل تخاف النفاق قال: وما يؤمنني وقد خاف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
وأخرجه: الفريابي في " صفة المنافق " (84).
وقال معاوية بن قرة: أن لا أكون فيّ نفاق أحب إليّ من الدنيا وما فيها كان عمر - رضي الله عنه - يخشاه وآمنه أنا.
أخرجه: الفريابي في " صفة المنافق " (86).
(13) أخرجه: الفريابي في " صفة المنافق " (22)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (4892).
(14) سبق بيانه.

ـ[سيف جمعه]ــــــــ[04 - 05 - 09, 03:30 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك الله فيك على النقل الطيب

ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[04 - 05 - 09, 07:16 م]ـ
الأخ الفاضل سيف جمعة,,,,
الأخ الفاضل علي الفضلي,,,,
بارك الله فيكم وقد أحسنتم وأفدتم,,,,

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[06 - 05 - 09, 02:38 م]ـ
وذكر ذلك العلامة ابن القيم أيضا في "بدائع الفوائد" في المجلد الرابع فيما أظن.

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[06 - 05 - 09, 03:22 م]ـ
وذكر ذلك العلامة ابن القيم أيضا في "بدائع الفوائد" في المجلد الرابع فيما أظن.
وهمتُ

فالذي ذكره ابن رجب في فتح الباري 1/ 195قال بعد كلام نحو الذي نقله الشيخ علي من جامع العلوم والحكم:
وأصل هذا يرجع إلى ما سبق ذكره أن النفاق أصغر وأكبر؛ فالنفاق الأصغر: هو نفاق العمل وهو الذي خافه هؤلاء على أنفسهم؛ وهو باب النفاق الأكبر. اهـ

وسبب الوهم قراءتي للمجلدين في وقت متقارب.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير