أود السؤال عن حكم شرب حليب الأتان (أنثى الحمار).
وشكرا لكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرب حليب الأتان لغير ضرورة محرم على المعتمد من كلام أهل المذاهب الأربعة وغيرهم.
ففيه عند الأحناف والشافعية روايتان، والصحيح من كلٍ أنه نجس، قال صاحب "فتح القدير" وهو حنفي: ... وعن عين الأئمة الصحيح أنه نجس نجاسة غليظة لأنه حرام بالإجماع، وفي فتاوى قاضي خان: وفي طهارة لبن الأتان روايتان. وقال النووي في "المجموع" وهو شافعي: وحكى الدارمي في آخر كتاب السلم في لبن الأتان ونحوها ثلاثة أوجه، الصحيح أنه نجس.
وأما المالكية، فقد قال خليل وهو يعدد الأعيان الطاهرة: ولبن آدمي إلا الميت، ولبن غيره تابع. يعني أن لبن غير الآدمي تابع للحمه، فإن كان محرم الأكل كالأتان كان لبنه نجسا.
أما عن الحنابلة فقد قال صاحب "الإقناع": ولبن غير مأكول وبيضه ومنيه من غير آدمي نجس.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
===
وهذا رد من الشيخ العثيمين - رحمه الله - على ذلك:
قال الشيخ العثيمين - رحمه الله -:
وقد اشتهر عند العامة أن نوعاً من السعال (الكَحَّة) يُداوى بلبن الأتان، ويقولون: إذا حلّت الضرورة حلت المحرمات.
«حلت» الأولى بمعنى نزلت، و «حلت» الثانية بمعنى أُبيحت، ففيه جناس تام، وهذا غير صحيح وليس له أصل، لأمرين:
الأول: أن الله لم يجعل شفاءنا فيما حرم علينا.
الثاني: أن الضرورة التي تبيح المحرم يشترط لها شرطان:
الأول: أن يتعين دفع ضرورته بهذا الشيء لا بغيره.
الثاني: أن تندفع ضرورته به.
فهل الدواء ينطبق على هذا أو لا؟
الجواب: لا ينطبق، أولاً: لأن الإنسان قد يُشفى بدون تناول الدواء، وهذا شيء كثير، وكم شفينا ـ والحمد لله ـ من أمراض كثيرة بدون أن نتناول دواءً، وغالب الناس مر عليه هذا، إذاً لسنا في ضرورة لتناول الدواء.
ثانياً: ربما يكون هناك دواء غير هذا يغني عنه، فلسنا في ضرورة إلى هذا الدواء.
وقولنا: «أن تندفع ضرورته به» فهل الدواء تندفع به الضرورة؟
الجواب: قد تندفع وقد لا تندفع، يعني قد يُفيد، وقد لا يفيد، ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن الرسول عليه الصلاة والسلام: «الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام»، يعني الموت، فإذا لم يرد الله ـ عزّ وجل ـ أن يشفي هذا المريض لم يُشفَ ولو بالدواء.
وإذا جاء الأمر بعد النهي فهو للإباحة، وإذا جاء الحل بعد التحريم فإنه يقصد به انتفاء التحريم، ولا ينفي أن يكون الشيء واجباً، فقول المؤلف: «حل له» أي: ارتفع التحريم؛ لأنه في هذه الحال إذا اضطر إلى أكل المحرم لا نقول: هو حلال، إن شئت فَكُل، وإن شئت فلا تأكل، بل يجب أن يأكل؛ لإنقاذ نفسه، وعليه فيكون التعبير هنا بالحل في مقابل التحريم، فلا ينافي الوجوب.
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " (15/ 38، 39).