تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا روى بالإجازة المشافه للمشافه، قال: أنبأنا، أو قال: أخبرنا، أو قال: حدثنا ولم يبين أنه إجازة، أو تحديث، أو عرض لا شك أن مثل هذا قد يذم، إذا كان القصد من ذلك أنه تحمل الحديث بطريقة عليا؛ لأن الإجازة دنيا فيدلس على السامع أنه تحمل حديث بطريق السماع من لفظ الشيخ، إذا تتطرق إليه مثل هذا فإنه حينئذ يذم من هذه الحيثية، وقد يوصف بالتدليس، ووصف بعضهم بتدليس الصيغ.

وكل هذا مستحسن وليس بواجب عندهم، وإنما أرادوا التمييز بين أحوال التحمل، وظن بعضهم أن ذلك على سبيل الوجوب فتكلفوا في الاحتجاج له وعليه بما لا طائل تحته، نعم يحتاج المتأخرون إلى مراعاة الاصطلاح المذكور؛ لئلا يختلط؛ لأنه صار حقيقة عرفية عندهم، فمن تجوز عنها، -يعني استعمل اللفظ في غير ما استعمل له اصطلاحاً- فمن تجوز عنها احتاج إلى الإتيان بقرينة تدل على مراده، احتاج إلى الإتيان بقرينة تدل على مراده، وإلا فلا يؤمن اختلاط المسموع بالمجاز بعد تقرير الاصطلاح، فيحمل ما يرد من ألفاظ المتقدمين، فيحملوا ما يرد من ألفاظ المتقدمين على محمل واحد بخلاف المتأخرين، بخلاف المتأخرين -يعني إذا كان هذا في الصيغ التي تدل على التحمل الأصلي وهو السماع الذي هو أصل التحمل_.

الطريق الأول من طرق التحمل السماع وهو الأصل في الرواية؛ لأن الأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يحدث والصحابة يستمعون ويتلقون عنه.

وأيضا العرض القراءة على الشيخ الاستدلال لها بحديث ضمام بن ثعلبة كما سيأتي في الصحيح في كتاب العلم، لا شك أن لها أصل شرعي.

يبقى الإجازة، الإجازة يعني الاستدلال لها وصحة التحمل بها فيه غموض كما يقول أهل العلم؛ لأنه ما فيه تنقل عن أحد إلا وقد سمعته أو سمعت من يسمعه الشيخ ويقره، فتنسب إلى الشيخ، أما أن يقول لك أجزتك بصحيح البخاري، ثم تقول: " حدثني فلان إلى أخر الإسناد عن شيخه فلان عن فلان إلى أخره، وأنت تحملته بطريق الإجازة، الاستدلال لها من حيث اللغة لا شك أن فيه غموض، وبعضهم أبطل الإجازة من هذه الحيثية، حتى قال قائلهم: أن من قال لغيره أجزتك أن تروي عني ما لم تسمعه مني، فكأنه قال له: أجزتك أن تكذب علي.

على كل حال جمهور أهل العلم أقروا الإجازة، ورأوها ضرورة، رأوها ضرورة؛ لأن الطلاب كثروا، والكتب كثرت، والوقت لا يستوعب، فإذا وجد طالب، جاء طالب ليقرأ صحيح البخاري مثلاً ليتحمله عن الشيخ، ثم بعد ذلك إذا قرأ منه الربع، أو الثلث، أو النصف جاء أخر من أين يبدأ الثاني؟ ثم جاء ثالث، ثم رابع، الأمور لا تنتهي، نعم لو قدر أن الشيخ يجمع فئام من الناس ويحدثهم يقرأ عليهم الكتاب من أوله إلى أخره، -نور على نور- لكن يبي يستمع الكتاب، أو يُسمع الكتاب من أوله إلى أخره لجميع طلاب العلم فرداً فرداً، هذا مستحيل، ولذلك جوزوا الإجازة للضرورة من هذه الحيثية، لكن من تحمل بطريق الإجازة عليه أن يبين فإما أن يقول: أنبأنا؛ لأنها تحددت في الاصطلاح عند المتأخرين.

وكثر استعمال عن في ذي الزمن ... إجازة وهي بوصل ما قمن

كما يقول الحافظ العراقي استعملها المتأخرون العنعنة في الإجازة، والأولى لمن تحمل بطريق الإجازة، أو المناولة، أو بما دونها من طرق التحمل أن يبين حدثنا، أو عن فلان إجازة، أو فيما أجازني به، أو فيما ناولني، أو فيما كتب إلي إلى أخره.

هناك من يتجوز ويصرح بالتحديث فيما لم يسمعه، الحسن البصري وهو إمام من أئمة المسلمين يقول: حدثنا أبو هريرة، والمقصود أنه حدث أهل البصرة وهو واحد منهم، أو حدث أهل المدينة وهو واحد منهم، الحسن موصوف بالتدليس -رحمه الله- لكن المدلس إذا قال: حدثنا هل يكفي أن يوصف بأنه مدلس؟ أو يقال كذاب؟! الأصل عند أهل العلم أنه كذاب، لكن منزلة الحسن -رحمه الله تعالى- وتأويله الذي استساغه أهل العلم ونقلوه عنه، لأنه بُين في موضع أخر، ومن أهل العلم من يرى، أو يثبت صحة سماع الحسن من أبي هريرة؛ لأنه قال حدثنا: لأنه إذا قال حدثنا لا يخلوا من أمرين: إما أن يكون سمعه، أو أن يكون كذاب، ويربى بالحسن، إمامة الحسن تنهبه عن أن يوصف بالكذب، فأثبت بعضهم سماع الحسن من أبي هريرة، ومنهم من يقول: هذا ضرب من التدليس الشديد، والحسن موصوف به، ومع ذاك لا يثبت سماعه من أبي هريرة، وإن قال حدثنا أبو هريرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير