تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فكانوا (رُحَمَاء بَيْنَهُمْ)، كانوا (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً)، كانوا (إخواناً). وليس كما يقول عباس العقاد.

وكذباً يصور العقاد الصحابة وكأنهم كانوا بالسيوف في الطرقات ينتظر كل واحدٍ منهم الآخر، ولولا حروب الردة ما اتحدوا!!

يقول هذا الشقي: (فلما تحفزت البادية للوثوب على المدينة أحس المسلمون جميعاً أنهم فريق واحد، مهدد بخطر واحد، فاتفقوا بوحي البداهة التي لا موضع فيها لتعمل التفكير وحيلة الحض والتحريض ولبثوا متفقين ما كانوا بحاجة إلى الوفاق، وما كان الشقاق بينهم مرهوب العواقب محذور الأخطار).

هنا كذب على كذب .. ظلمات بعضها فوق بعض، يصور الحال، وكأن حروب الردة كانت حرباً بين أهل البادية وأهل الحضر (مكة والمدينة)، توحدت البادية فتوحد أهل الحضر (مكة والمدينة .. قريش والأنصار).

وهو ينقض هذا الكلام في نفس الكتاب (عبقرية خالد) وهو يتكلم في ذات السياق إذْ ذكر أن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ استنجد بقبائل البادية المجاورة للمدينة في قتال المرتدين.

ونقضه أيضاً في مقدمة كتاب (عبقرية خالد) حين ذكر أن مكة كانت وسطاً بين الحاضر والبادية.

وينقض كلامه التاريخُ والواقعُ إذ كانت جموع من المرتدين من أهل العراق، وهم أهل ريف وزرع وكثير منهم عرف المدنية كما أقر هو في مقدمة الكتاب (عبقرية خالد).

وهذا التصور (صراع بين الحضر والبادية) قائم في ذهنه وهو يتناول أحداث السيرة كلها تقريباً، فبه يفسر كثير من الأحدث، مثلا تجده يتكلم عن نقمة البادية على قريش، وعن نظرة قريش العلوية لأهل الباديةِ والسوادِ مما أدى إلى تمرد البدو وحدوث الفتنة التي انتهت بمقتل عثمان رضي الله عنه وكثير من صاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك.

وحين تكلم عن الفتوحات الإسلامية تكلم عن (الفتوحات العربية) لا (الإسلامية)، وقد تقدم تفصيل هذا.!!

والأحداث في القرون الأولى لم يكن غير العقيدة محرك لها، فكان الخلاف الأول على الخلافة، وهي قضية عقدية لا قبلية ولا عنصرية (عرب وعجم أو عبيد وأحرار)، والخوارج لم تكن دعوتهم قبلية أو تستبطن القبلية، فقد كانوا من قبائل شتى، وكانوا من العرب وكانوا من العجم (الأمازيغ ـ البربر تحديداً)، وهكذا، فقول العقاد بعيد جد بعيد، وهو قول المستشرقين تسرب إليه. وإن شاء الله ألقي مزيد بيان على هذا الأمر.

. وقد غضضت الطرف ـ طلباً للاختصار ـ عن كلام العقاد على معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ـ رضي الله عنهم ـ، وفيه ما فيه من سوء الأدب مع صاحبة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهو مشهور كلما تكلم أحدهم عن حال العقاد مع صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء على قوله في معاوية وعمرو ـ رضي الله عنهما ـ؛ تركته لشهرته ولأقول بأن الأمر لم يكن مع علي ومعاوية فقط وإنما مع الجميع .. كان تصوراً عاماً عند عباس العقاد عن الصحابة رضوان الله عليهم.

أبو جلال

محمد جلال القصاص

فجر الأحد

16/ 05 /1430

الموافق 10/ 05 /2009

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير