لكن مسألة الزواج من الكتابيات أمر يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والعصور والدهور، فلا يفتح باب النكاح من الكتابيات، ففي زماننا من المجرب والمعروف أنه شر عظيم وبلاء عظيم، وقوة نفوذ أهل الكتاب خاصة في العصور المتأخرة، فإن المرأة الكتابية قد تتزوج المسلم ثم بعد ذلك تأخذ أولادها منه بالقوة وتنتزعهم منه شاء أو أبى، وتستطيع أن تستغل نفوذاً أوسع من نفوذها، ولذلك لابد من فقه الفتوى في الزمان، والنظر إلى ما يجر على المسلمين ومجتمعات المسلمين من فتح هذا الباب من الشر العظيم والبلاء الوخيم، إضافة إلى ما يعرف منهن من أن بعضهن لا يعرفن إلا التهتك، يعني: ليس عندهن إلا الاسم فقط من كونهن كتابيات، والتهتك والعهر والفساد -والعياذ بالله- منتشر بينهن، أضف إلى ما عرف منهن من الكيد للإسلام والخديعة للمسلمين، والتظاهر بمحبة الإسلام من أجل أذية المسلمين، ولذلك لابد من وضع هذه الأمور كلها في الحسبان، فلا نأتي ونقول مثلاً: الله أحل لنا نساء أهل الكتاب، بل أحل لك أن تنكح المرأة المسلمة؛ لكن إذا أردت أن تتزوج امرأة مسلمة ولكنها شريرة، وتؤذي جيرانها، وتؤذي أهلك، ولربما كانت نمامة تنقل الحديث، هل يحل لك أن تدخلها على بيئتك ومجتمعك، أم تقف أمام حدود الله ونصوص الشرع من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فتتقي الله في جيرانك وأهلك وأمتك ومجتمعك؟
كذلك أيضاً أهل الكتاب في زماننا، فإننا وإن وجدنا النص يحل نكاح النساء منهم، ونظرنا إلى الواقع والحقيقة وما يجر ذلك من تبعات وأضرار، فإننا نعطي كل زمان حقه وقدره، فنقول: من أراد أن يأخذ بهذا الحلال، ينبغي أن يضع في حسبانه جميع الآثار والسلبيات والنتائج المترتبة على مثل هذا، والله عز وجل بمنه ورحمته قد أغنى المسلمين عن أمثال هؤلاء، وإنما يقع هذا خاصة في القديم حينما كان أهل الكتاب أهل ذمة وتحت المسلمين، وكانوا يتأثرون بالمسلمين، فالمرأة كانت تحب الإسلام، وهذا كان يقع في المجتمعات التي كان فيها أهل ذمة، ولكن بحكم بيئتها لا تستطيع أن تسلم، فإذا انتزعها المسلم من تلك البيئة وجاء بها أسلمت، ووقع هذا في عصور حينما كانت العزة للإسلام وأهله، ولا زالت والحمد لله العزة للإسلام وأهله، ولكن هناك أمور لابد من وضعها في الحسبان، ولا ينبغي أن نفتح الباب هكذا.
هناك بعض الباحثين كتب في هذه المسألة ورغّب وبيّن أنه حق، وبعض المحاضرين أتى بمحاضرة في نكاح الكتابيات وأنه أمر جائز، دون التفات إلى السلبيات والآثار التي ينبغي وضعها في الحسبان، فالشيء يكون حلالاً، لكنه في زمان يحتاج إلى نظر وتأمل، لا نقول: إننا نحرمه، ولكن نقول:
من أراد أن يقدم على هذا الشيء، فعليه أن ينظر إلى الآثار السيئة الموجودة المترتبة على هذا الشيء، ثم يقارن: هل يستطيع أن يلقى الله سبحانه وتعالى وقد دفع عن الأمة وعن نفسه وعن ذريته وأهله وولده هذه كلها، أم أنه مستعد لأن يلقى الله سبحانه وتعالى بتبعة ذلك وسيئاته وآثامه؟
انتهى عنهُ بنصه
ـ[مؤسسة ابن جبرين الخيرية]ــــــــ[13 - 05 - 09, 03:30 م]ـ
(7037)
سؤال: لدينا أحد الأخوة يريد الزواج من كتابية، ويرغب في أن يكون زواجه على الطريقة الإسلامية "كما يقول" فكيف يتم ذلك؟ وما هي السُنة في عقد القران بين المسلم والكتابية؟ وهل يلزم تسجيل ذلك العقد كتابيًا مع العلم أننا ليس لدينا عقود نكاح؟ وماذا نعمل معه؟ أفيدونا بالتفصيل؟
الجواب: من أراد نكاح كتابية فلابد أن تكون من المتمسكين بكتابهم ولو كان منسوخًا أي من العاملين بما فيه، ولابد أن تكون محصنة أي عفيفة لم ترتكب فاحشة ولا تهم بها، ولابد أن يكون العقد بالطريقة الإسلامية فيحضر وليها وهو أبوها أو أقرب أوليائها بعده ويحضر الزوج وشاهدان من المسلمين ويتولى العقد بينهما خطيب المسجد من المسلمين أو رئيس البلد المسلم أو أمير المبتعثين ويكون بإيجاب من الولي وقبول من الزوج أمام الشاهدين ويسجل ذلك في وثيقة رسمية من المسئول أو من السفارة أو من رئيس البلد، وبذلك يتم العقد ثم عليه أن يدعو زوجته إلى اعتناق الإسلام ويرغبها فيه ويبعدها عن مجتمع الكفر وأهله.
قاله وأملاه
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
9/ 3/1418هـ
(1200)
سؤال: هل يجوز الزواج من اليهودية أو النصرانية؟
الجواب: يجوز ذلك إذا كانت متمسكة بكتابها ودينها عاملة به فيما يلزمها في شريعتها بشرط أن تكون عفيفة محصنة حافظة لنفسها، وحافظة لزوجها، فإن لم تكن كذلك فلا يحل نكاحها. والله أعلم.
قاله وأملاه
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
18/ 5/1421 هـ