تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الطبري – رحمه الله -:

مَن عمل عملا صالحًا في غير تقوى - يعني: من أهل الشرك - أُعطي على ذلك أجراً في الدنيا: يصل رحمًا، يعطي سائلا يرحم مضطرًّا، في نحو هذا من أعمال البرّ، يعجل الله له ثواب عمله في الدنيا، ويُوسِّع عليه في المعيشة والرزق، ويقرُّ عينه فيما خَوَّله، ويدفع عنه من مكاره الدنيا، في نحو هذا، وليس له في الآخرة من نصيب.

" تفسير الطبري " (15/ 265).

وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:

وقال القاضي عياض: انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يثابون عليها بنعيم، ولا تخفيف عذاب، وإن كان بعضهم أشد عذاباً من بعض.

" الفتح " (9/ 48).

واعلم أن الله تعالى لا يضيع عليهم أجور أعمالهم النافعة للناس، لكنَّ ثوابها يكون في دنياهم لا في أخراهم، وأما المؤمن فإن ثواب أعماله الخيِّرة يكون في الدنيا والآخرة.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً أُطْعِمَ بِهَا طُعْمَةً مِنْ الدُّنْيَا، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَإِنَّ اللَّهَ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا فِي الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ). رواه مسلم (2808).

وفي رواية أخرى:

(إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً، يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا).

واعلم أن هذا الجزاء في الدنيا ليس مقطوعاً به، بل هو إلى مشيئة الله تعالى، قال عزَّ وجل (مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ) الإسراء/ 18.

قال الشنقيطي - رحمه الله -:

واعلم أن هذا الذي ذكرنا أدلته من الكتاب والسنة من أن الكافر ينتفع بعمله الصالح في الدنيا: كبر الوالدين، وصلة الرحم، وإكرام الضيف والجار، والتنفيس عن المكروب ونحو ذلك: كله مقيد بمشيئة الله تعالى، كما نص على ذلك بقوله: (مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ) الإسراء/18 الآية.

فهذه الآية الكريمة مقيدة لما ورد من الآيات والأحاديث، وقد تقرر في الأصول أن المقيد يقضي على المطلق، ولا سيما إذا اتحد الحكم والسبب كما هنا.

" أضواء البيان " (3/ 450).

وما ذكرناه عن إثابة الله تعالى لمن شاء من الكفار لا ينطبق على " تريزا " - واسمها الأصلي آغنيس غونكزا بوجاكسيو، وأصلها من " مقدونيا "، وقد توفيت سنة 1997 م – وذلك أنها كانت " راهبة منصِّرة " تستثمر عملها في إعانة الفقراء والمشردين والمرضى في تنصيرهم وإدخالهم في دينها، ومثل هذه لا يسمَّى عملها " حسنة "، وما تطعمه في الدنيا فليس هو جزاء أعمالها، بل هو ما تكفل الله به، وسيعاقب عليه من كان به كافراً كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) البقرة/ 126.

فتحصل أن أعمال الكفار في الدنيا على قسمين:

الأول:

ما كان من أعمال الدنيا من أعمال البِرّ، ولا يشترط فيه نية التقرب، كصلة الرحم وإكرام الضيف وما يشبهه، فهذا هو المقصود في الحديث والذي من أجله يثاب الكافر عليه في الدنيا إن شاء الله له المثوبة.

قال النووي – رحمه الله -:

وصرَّح في هذا الحديث بأن يطعم في الدنيا بما عمله من الحسنات أي: بما فعله متقرباً به إلى الله تعالى مما لا يفتقر صحته إلى النية، كصلة الرحم، والصدقة، والعتق، والضيافة، وتسهيل الخيرات، ونحوها.

" شرح مسلم " (17/ 150).

الثاني:

من كان من أعمال الدنيا، ويَقصد به صاحبه نشر دينه، وفتنة المسلمين عن دينهم، فهذا ليس داخلاً في الحديث، بل صاحبه متوعد عليه أشد الوعيد؛ لأنه يصد بها عن دين الله، ويستغل حاجات الناس وفقرهم ومرضهم لذلك الغرض الخبيث، ومنه ما تفعله " تريزا " وأمثالها من المنصرين ودعاة الباطل.

وأما ما كان من أعمال الدين وتشترط فيه نية التقرب، كالحج والعمرة والدعاء، فهذا لا يؤجر عليه الكافر في الدنيا ولا في الآخرة؛ لكونه باطلاً، لتخلف شروط قبوله وهي: الإسلام والإخلاص والمتابعة، ثم إن الكفر يحبط الأعمال فلا يستفيد منها صاحبها يوم القيامة شيئاً.

والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب

http://www.islamqa.com/ar/ref/132608

ـ[المسلم الحر]ــــــــ[10 - 01 - 10, 08:27 م]ـ

بارك الله فيك شيخنا أبو طارق و جزاك الله خيرا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير