تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ت- أنه أطال الصلاة طولاً غير معهود، وهو الذي يخفف الصلاة، ويأمر بتخفيفها، لولا أن هذا الأمر عظيم يستوجب الطول ويحتاج العباد إلى رفعه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا من قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ» ([21] ( http://www.vb-khutabaa.com/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn21)) وقال جابر رضي الله عنه: «فَأَطَالَ الْقِيَامَ حتى جَعَلُوا يَخِرُّونَ» ([22] ( http://www.vb-khutabaa.com/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn22)) وقالت أَسْمَاءَ رضي الله عنهما: «فَقُمْتُ حتى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي الْمَاءَ» ([23] ( http://www.vb-khutabaa.com/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn23)) وفي رواية قالت: «فَقُمْتُ معه فَأَطَالَ الْقِيَامَ حتى رَأَيْتُنِي أُرِيدُ أَنْ أَجْلِسَ ثُمَّ أَلْتَفِتُ إلى الْمَرْأَةِ الضَّعِيفَةِ فَأَقُولُ هذه أَضْعَفُ مِنِّي فَأَقُومُ، فَرَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِيَامَ حتى لو أَنَّ رَجُلًا جاء خُيِّلَ إليه أَنَّهُ لم يَرْكَعْ». ([24] ( http://www.vb-khutabaa.com/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn24))

ث- قوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا رَأَيْتُمْ ذلك فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا» ([25] ( http://www.vb-khutabaa.com/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn25)) وفي رواية: «فإذا رَأَيْتُمْ شيئاً من ذلك فَافْزَعُوا إلى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ». ([26] ( http://www.vb-khutabaa.com/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn26))

وهذه العبادات العظيمة هي في مواجهة الأمر العظيم، فالتكبير يشرع في المواطن الكبار، وعند الخوف ومواجهة الأعداء للربط على القلوب وتثبيتها. والصلاة طمأنينة واسترواح من الهم والغم؛ ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى، والصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع نقمته، والاستغفار يرفع العذاب كما في قوله تعالى [وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ] {الأنفال:33} والدعاء ينفع مما نزل وما لم ينزل؛ فمن تأمل أمر النبي صلى الله عليه وسلم في حال الكسوف بالصلاة والتكبير والصدقة والدعاء والاستغفار، والاستمرار على ذلك حتى ينجلي علم أن هذا الأمر مخوف، خلافاً لمن ينفي ذلك.

وبهذا يتبين أن ما حصل للنبي عليه الصلاة والسلام من الخوف في حادثة الكسوف متواتر تواتراً معنوياً، ولو كان هذا الخوف اجتهاداً خاطئاً من النبي عليه الصلاة والسلام لما أقره الله تعالى عليه، بل لنهاه عنه كما نهاه عن الحزن على المشركين، والضيق بما يقولون، وكما نهى سبحانه وتعالى موسى عليه السلام عن الخوف في قصته مع السحرة، فإذا استحضرنا أمر الاقتداء به عليه الصلاة والسلام: تعيّن مشروعية الخوف عند الكسوف.

وبهذا يُرد على ما قد يُسره بعضهم ويعلنه آخرون من احتمال كون النبي عليه الصلاة والسلام خاف كل هذا الخوف؛ لأنه لم يعلم أن الكسوف ظاهرة كونية اعتيادية؛ إذ الجواب عليهم: أن الله تعالى قد علم ذلك وقدّره، وأقرّ نبيه صلى الله عليه وسلم على الخوف بسببه، وعلى كل ما صدر عنه من تشريعات في شأن الكسوف.

الجانب الثاني: قال الشيخ القرضاوي وفقه الله تعالى: ولم يرد فيما اتفقت عليه الروايات الصحيحة أن هذا الكسوف كان نتيجة لغضب من الله على الناس. كيف، وقد حدث ذلك بعد أن جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وانتشر نور الإسلام في كل ناحية من جزيرة العرب، فلو كان الكسوف يحدث من غضب الله لحدث ذلك في العهد المكي، حين كان الرسول وأصحابه يقاسون أشد ألوان العنت والاضطهاد والإيذاء، وحين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ..... اهـ

والجواب عن ذلك من أوجه ثلاثة:

الأول: أن من لازم هذا القول أن التخويف لا يكون إلا بالكسوف فقط، وهذا لم يقل به أحد، وقد أخاف الله تعالى كفار مكة بآيات كثيرة ذكرها العلماء في دلائل النبوة، وإذا كان ذلك كذلك بطل هذا اللازم في كون التخويف بالكسوف وقع في العهد المدني، ولم يقع في العهد المكي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير