هذا قول المناوي في شرح الحديث: (من وطئ على ازار) أي علاه برجله لكونه قد جاوز كعبيه (خيلاء) أي تيها وتكبرا (وطئه في النار) أي يلبس مثل ذلك الثوب الذي كان يرفل فيه في الدنيا ويجره تعاظما في نار جهنم ويعذب باشتعال النار فيه (حم عن صهيب) الرومي واسناده حسن
و هذا قول آخر لأهل العلم في التقييد حتى نتكلم على علم:
سليمان الماجد القاضي بالمحكمة العامة بالرياض:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قيل: بحمل هذا على اختلاف الحكم باختلاف السبب؛ فمن أسبله فله النار؛ لحديث: "ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار"، ومن فعل ذلك خيلاء فلا ينظر الله إليه ولا يزكيه؛ للحديث الآخر، وقيل: بحمل المطلق على المقيد؛ فلا يحرم إلا على من أراد الخيلاء، والأقرب: هو حمل المطلق على المقيد، وهي إحدى الروايتين عن أحمد، وقول جماهير العلماء، وجمع من المحققين منهم ابن تيميةوالصنعاني والشوكاني،
ووجهه: أن قيد الخيلاء معتبر، ولم يورد في الحديث إلا لمعنى، واعتبر الفقهاء التقييد بالوصف في مثل هذه الأحوال؛ كوصف السائمة في زكاة المواشي، وغيره من الأوصاف كثير، وهذه هي دلالة مفهوم المخالفة التي يقول بها جماهير الفقهاءوالأصوليين، وعند التأمل لا تجد أن هناك عقوبتين مختلفتين حتى نجمع بتعدد الأسباب؛ فعقوبتا صرف النظر والنار عقوبة واحدة جنساً لعمل واحد هو الإسبال خيلاء، ومما يؤكد ذلك أنه صلى الله عليه وسلم ذكر عقوبة النار لمن جره خيلاء في قوله: "من وطئ على إزار خيلاء وطئه في النار" رواه أحمد من حديث هُبيب بن مغفل، وهو صحيح؛ ما يعني أنهما عقوبتان لعمل واحد، ثم إن العقوبتين متلازمتان؛ فمن دخل النار لم ينظر الله إليه، ومن صُرف عنه نظر الباري سبحانه دخل النار، وإنما نُوعت لمزيد الزجر والوعيد. ويُقال من وجه آخر: جاءت عقوبة ثالثة في قوله صلى الله عليه وسلم: "من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام" رواه أبو داود، وهو صحيح؛ فهل نبحث عنسبب آخر يناسب هذه العقوبة؟ وقد تأيد هذا بالهدي العملي له صلى الله عليه وسلمحين قال لأبي بكر رضي الله عنه: "إنك لست ممن يفعله خيلاء"، ولا يمكن أن يُوجَّههذا بكونه خاصاً بأبي بكر رضي الله عنه، ولا لأن الإسبال كان عارضاً وأنه يتعاهده؛ فالخصوصية تحتاج إلى دليل، أما التوجيه بكون استرخاء الإزار عارضاً؛ ففيه نظر؛ لأن المناسب للحال أن يقول: لا حرج عليك؛ لكونه استرخاءً عارضاً، وأنت تتعاهده، ولهذا لم يعدل صلى الله عليه وسلم عن ذكر هذين السببين إلى ذكر وصف الخيلاء إلا لإرادة مادل عليه اللفظ من مفهوم، وأنه علة يدور معها الحكم وجوداً وعدماً، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليرضى لأبي بكر بالنار اكتفاء ببقاء نظر الله تعالى له. فإن قيل: ما سبب إطلاق العقوبة من قيد الخيلاء في نصوص كثيرة؟ يقال: أجاب عن ذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله بقوله: ( .. لأن الإسبال مَظِنَّة الخيلاء فكُرِه؛ كما كُرِهت مظان سائر المحرمات)
ولهذا فإن الأرجح دليلاً وتعليلاً أنه يُحرم من الإسبال ماكان لخيلاء، ولا يحرم ما كان لغير ذلك، وهو قول الجمهور كما تقدم.
وليس المقصود من هذا هو مجرد التسهيل، ولا أن نبادىء الناس بذكر ذلك، ولكنها موقظة لطالب العلم المتخصص أن يجعل الأمر في نصابه، بأن يوطن نفسه على أن المسألة اجتهادية يسيرة من حيث دلالة النصوص؛ فلا يُقسم الخلق بناء عليها إلى صالح وطالح، ولا إلى تقي وشقي، وأن يعلم أنه يحصل بجعل القضية معيار الالتزام أو عدمه، وتفرقة الناس بناء على القول فيها أو العمل يحصل من المفسدة أضعاف ما نرجو من مصلحة حمل الناس على ما نراهراجحاً، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في نحو هذا المعنى في (مجموع الفتاوى) (35/ 74): ( .. ما يكرهون في الجماعة خير مما يجمعون من الفرقة). والله أعلم. الموقع: الإسلام اليوم
رائع رائع جداً هذا النقل الطيب ..
نسأل الله أن يبارك فيك أخي عبد الحكيم بن عبد القادر على نقل هذا الكلام ...
وجزى الله خيراً شيخنا الحبيب المبارك سليمان الماجد حفظه الله تعالى على هذا العطاء المتميز ...
ويبدو أن في هذا النقل جلاء للأفهام ومن غبش الخلاف!!
لأني أرى أن الشيخ وفّى وكفّى؛ وخصوصاً حينما نقل النقل الشافي عن شيخ الإسلام: ( .. لأن الإسبال مَظِنَّة الخيلاء فكُرِه؛ كما كُرِهت مظان سائر المحرمات)؛ فلأجل ذلك كان مكروها خشية أن يقع في الحرام!!! وهو ليس به بأس؛ إلاّ لمن جره خيلاء أي متكبراً متعالياً على الناس!! فله الوعيد والعقاب من الله جل جلاله ..
والحمد لله على كل حال ...
ـ[أبو القاسم البيضاوي]ــــــــ[12 - 02 - 10, 04:03 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخي لا تقسوا علي فأنا أحبك في الله و جميع المسلمين العاملين , فأنا لم اتخد كلام أهل العلم طرفة حاشا , أنا قلت طرفة لأنك جعلت الفعل الذي هو الانتهاء عن الاسبال هو الحكم!! فهذا فعلا غير صحيح بغض النضر عن الموضوع , فالانتهاء ليس هو الحكم هذا غلط , ثم إنني و لله على منهج ابن تيمية و ابن رجب و غيرهم من اهل العلم الحق , ولو كنت متعصبا لأحد من الائمة لتعصبت لابن تيمية , ولكن لا أرى ما ذهب إليه رغم أنه لم يصرح في كلامه على أن المسبل بغير خيلاء أمير المؤمنين , المهم , اللهم علمنا و ارشدنا الى الحق , فأنا غرضي الحق ليس الجدال ولا التقليد , و الله تعالى أعلم بالصواب.
¥