ثالثًا: تدريب العقل وتنشيط الذَّاكرة على الحفظ، وذلك بالمداومة على مراجعة العلم؛ فقد روى الشيخان عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّما مثل صاحب القرآن، كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)).
رابعًا: كتابة المحفوظ ولو أكثر من مرَّة؛ وقد جاء في الحديث الذي رواه الطبراني وغيره: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((قيِّدوا العلم بالكتاب))؛ حديث رقم: (4434)، في صحيح الجامع.
وقال الشاعر:
الْعِلْمُ صَيْدٌ وَالْكِتَابَةُ قَيْدُهُ قَيِّدْ صُيُودَكَ بِالْحِبَالِ الْمُوثِقَةْ
فَمِنَ الْحَمَاقَةِ أَنْ تَصِيدَ غَزَالَةً وَتَفُكَّهَا بَيْنَ الْخَلاَئِقِ طَالِقَةْ
وقد كان من العلماء من يُكَرِّر كتابة الكُتب والأحاديث حتَّى يحفظها، ومن ذلك:
- ما ذكره الذهبي عن ابن الخاضبة الدقاق: أنَّه كتب صحيح مسلم بالأجرة سبع مرَّات.
- وذكر عن ابن مرزوق الهروي: أنَّه كتب سنن الترمذي ستَّ مرات.
- وكان جبل الحفظ يحيى بن معين يكتب الحديث خمسين مرَّة؛ ليضبطه في صدره.
خامسًا: الإخلاص؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من تَعَلَّم علمًا ما يبتغي به وجه الله - تعالى - لا يتعلمه إلاَّ ليصيب به عرضًا في الدنيا - لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة"؛ يعني: ريحها؛ رواه أبو دواد وابن ماجه.
روى الطبراني والترمذي من حديث كعب بن مالك - رضي الله عنه -: أنَّه قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((من طَلَبَ العلم ليجاري به العلماء، أو ليماري به السُّفهاء، ويصرف به وجوه الناس إليه - أدخله الله النار))؛ ورواه ابن ماجه عن ابن عمر.
سادسًا: الدعاء؛ فقد قال تعالى آمرًا نبيه - صلَّى الله عليه وسلم -: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]، وعن ابن عباس: أنَّه كان يدعو بالعلم والحفظ فيقول: اللَّهم ذكِّرني ما نسيت، واحفظ عليَّ ما علمت، وزدني علمًا.
سابعًا: المذاكرة، قال بعض أهل العلم: تَذَاكروا الحديث؛ فإنَّ بعضه يهيِّج بعضًا، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "تذاكروا الحديث لا يتفلت منكم؛ إنَّه ليس بمنزلة القرآن، إن القرآن محفوظ مجموع، وإنَّكم إن لم تذاكروا الحديث تفلَّت منكم، ولا يقولنَّ أحدُكم: حدَّثتُ أمس، ولا أحدث اليوم، بل حدِّث أمس، وحدِّث اليوم، وحدِّث غدًا".
ثامنًا: تخيَّر الوقت المناسب للحفظ، فإنَّه يكون عونًا عليه ومدعاة لثباته؛ قال الخليل النحوي: "وأصفى ما يكون ذهن الإنسان وقتَ السحر"، وقال الخطيب البغدادي: "أجود أوقات الحفظ الأسحار، ثُم وسط النهار، ثم الغداة"، وقال: "حفظ الليل أنفع من حفظ النهار"، وقال: "وأفضل المذاكرة: مذاكرة اللَّيل".
تاسعًا: التحديث بالمحفوظ؛ قال إبراهيم الحربي: "إذا أردت أن تحفظ حديثًا فحدث به"؛ وهذا أشمل وأوسع من المذاكرة؛ فالتحديث به: هو أن تذكره في غالب مجالسك، وإذا جاء مقامٌ يقتضي ذكره، فلا تغفل عن التحديث به؛ فهو أنفع لك حفظًا، وأنفع للناس علمًا.
عاشرًا: تناول ما يُعين على قُوَّة الحفظ من الأطعمة، والأدوية، وكتب الطب، قد ذكرت الكثير من هذا.
حادي عشر: معرفة سير الحفاظ والعلماء، الذين إذا ذُكِرت سيرُهم، اتَّقدت الحافظة، ونخص بالذِّكر منها كتاب "تذكرة الحفاظ"، للحافظ الذهبي؛ فقد ذكر عن ابن عقدة أحمد بن محمد الكوفي: أنَّه قال عن نفسه: "أحفظ مائة ألف حديث بأسانيدها".
وذكر عن الشعبي: أنَّه ما كتب قط، ونَسِيَ من العلم ما لو حفظه غيره لصار عالمًا، ولا حدَّث أحدٌ عنده بحديث إلاَّ حفظه، ولم يطلب إعادته، وقال: "لو شئتُ لأنشدتكم شهرًا ولا أعيد".
وذكر عن الإمام أحمد: أنَّه يحفظ ألف ألف حديث – أي: مليون - وقيل: يحفظ ألفي ألف - أي: مليونين.
وذكر عن أبي عمرو بن الصلاح: أنَّه حفظ "المهذب في الفقه"، ولم يظهر شاربه.
وغير هذا كثير، وعليك للمزيد ببعض هذه الكتب: "الفقيه والمتفقه"، و"الرحلة في طلب الحديث"، للخطيب البغدادي، و"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" له أيضًا، وكتاب "جامع بيان العلم وفضله"، لابن عبدالبر، وكتاب "تذكرة السامع والمتكلم"، لابن جماعة، وما كتبه المعاصرون وهي كثير ككتاب: "حلية طالب العلم"، للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد.
والله يُوفقك لما يُحب ويرضى؛ إنَّه على كل شيء قدير
http://www.wanees.net/play.php?catsmktba=32
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[28 - 04 - 10, 07:55 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[03 - 05 - 10, 11:05 ص]ـ
بارك الله فيكم
أبا زيد
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[03 - 05 - 10, 01:28 م]ـ
جزاكم الله خيرا.