تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أخطر ما يصاب به طالب العلم]

ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[24 - 04 - 10, 01:10 ص]ـ

من أخطر ما يصاب به طالب العلم او المبتدئ فيه وهو بمنزلة العامي، تقليل شأن العلماء أو تهوين أمرهم، ومن ذلك الجرأة باللسان والقلم على أقوالهم وأحكامهم، ومحاولة تشويهأفكارهم وآرائهم، بدون دليل أو حجة، بل هو الهوى واتباع ما تشابه. وهذا شر كله، وإفساد لشأن الأمة، وهل الأمة إلا بعلمائها.

تنقص العلماء، إهانة لهم، وإهانتهم أشد إثماً من إهانة وإزدراء غيرهم، فهو يتعدى إلى إهانة ما يحملونه من العلم،وما يتمثلون به من الدين والخلق. ولذا يخشى على من أهان أهل العلم من حلول العقوبةالمعجلة به، لشناعة جرمه وعظيم جنايته.

قال الإمام الطحاوي ـ رحمه الله ـ في عقيدته (1/ 491): «وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر, لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل».

قال الشارح لهذه العقيدة صدر الدين محمد بن علاء الدين عليّ بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الأذرعي الصالحي الدمشقي (المتوفى: 792هـ) ـ رحمه الله ـ:

«قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء 115]. فيجب على [كل] مسلم بعد موالاة الله ورسوله موالاة المؤمنين، كما نطق به القرآن، خصوصاً الذين هم ورثة الأنبياء، الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم، يهتدى بهم في ظلمات البر والبحر , وقد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم، إذ كل أمة قبل مبعث محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ علماؤها شرارها، إلا المسلمين، فإن علماءهم خيارهم، فإنهم خلفاء الرسول من أمته، والمحيون لما مات من سنته، فبهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا، وكلهم متفقون اتفاقاً يقيناً على وجوب اتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ , ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه , فلا بد له في تركه من عذر , وجماع الأعذار ثلاثة أصناف:

أحدها: عدم اعتقاده أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قاله.

والثاني: عدم اعتقاده أنه أراد تلك المسألة بذلك القول.

والثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ.

فلهم الفضل علينا والمنة بالسبق، وتبليغ ما أرسل به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلينا، وإيضاح ما كان منه يخفى علينا، فرضي الله عنهم وأرضاهم.

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 10]» أهـ

فالواجب على من دون العلماء أن يجلوا العلماءويبجلوهم لعلمهم وشيبتهم في السنة وأن تحترم أقوالهم وأحكامهم وأن تؤخذ بالقبول والرضى إلا ما خالف الكتاب والسنة، فهم أعلم بدين الله وأفهم من غيرهم وممن جاء بعدهم.

والكلام في العلماء وانتقاصهم والسخرية من أقوالهم من سمات أهل الزيغ والبدع، وأهل الكلام الذين يفضلونه على أقوال أهل الفقه والعلم:

ذكر الشاطبي في كتاب الاعتصام (2/ 741، 742):

«وَرُوِيَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْيَسَعَ، قَالَ: تَكَلَّمَ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ يَوْمًا - يَعْنِي الْمُعْتَزِلِيَّ - فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ: أَلَا تَسْمَعُونَ؟ مَا كَلَامُ الْحَسَنِ وَ ابْنِ سِيرِينَ - عِنْدَمَا تَسْمَعُونَ - إِلَّا خِرْقَةُ حَيْضٍ مُلْقَاةٌ.

وَرُوِيَ أَنَّ زَعِيمًا مِنْ زُعَمَاءِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ كَانَ يُرِيدُ تَفْضِيلَ الْكَلَامِ عَلَى الْفِقْهِ، فَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ عِلْمَ الشَّافِعِيِّ وَ أَبِي حَنِيفَةَ، جُمْلَتُهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ سَرَاوِيلِ امْرَأَةٍ.

هَذَا كَلَامُ هَؤُلَاءِ الزَّائِغِينَ، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير