تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تراكم الأشغال وعدم ترتيب الوقت???]

ـ[أبو زيد محمد بن علي]ــــــــ[28 - 04 - 10, 06:07 م]ـ

سؤال الفتوى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب مُستقيم - ولله الحمد - أعاني مُشكلة تراكم الأشغال، وعدم ترتيب الوقت؛ حيث إنَّني طالب في السنة الأولى بكلية الطب، ومن المتميزين فيها - ولله الحمد - إمام مسجد الحي، أدرس عند أحد المشايخ كتابَي: "بلوغ المرام"، و"لمعة الاعتقاد"، مستمر في حفظ القرآن ومراجعته، لكنَّني واجهت صُعُوبة في الموافقة بين هذه الأشياء؛ حيث إنِّي في الكلية لا أدرس أولاً بأول مع أنَّ درجاتي مرتفعة, مستمر مع شيخي مُنذ سنة ونصف، ولا أرى نتائج؛ لأنني لا أحفظ المتون، وإن حفظتُها فلا أراجعها مطلقًا, حفظت من القرآن الكريم 18 جزءًا، وتوقَّفت الآن عن حفظه ومراجعته؛ بسبب تراكم الأشغال مع أنَّ لدي الرَّغبة الشديدة في ختمه. ما نصيحتكم لي؟ ودمتم بتوفيق الله

جواب الفتوى

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

نسأل الله أن يوفِّقك لما يُحب ويرضى، وأن يرزقك العمل الصالح والعلم النافع، وأنْ ينفع بك أينما كنتَ وحللت.

ابننا الحبيب، مرحبًا بك في الألوكة، ابنًا وأخًا ومُستشيرًا.

لقد فرحت فرحًا شديدًا حينما قرأت استشارتك، فطالب مثلك في كلية الطِّب يطمحُ إلى إتمام ما هو بصدده من دراسة الطب، وفي سبيل الوُصول إلى ما يطمح لا بد من بذل جهد كبير، ومع هذا يهمُّك طلب العلم الشَّرعي، فتتدارسه مع أهله وذويه، وتهتم بمثل الكتابين المذكورين في فقه السنة والعقيدة، وفوق ذلك تُحاول خَتم القرآن الكريم حفظًا، ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

أسأل الله أن ينيلك ما تطلب من الخير، وأن يُوفِّقك فيه لما يحب ويرضى.

ومما لا شكَّ فيه أنَّ قوة الحفظ وضعفه من الأوصاف البشريَّة، التي جَبَلَ الله الخلق عليها، وكل فرد يعطيه الله منها بحسب ما قسم؛ ولذلك عفا الله تعالى عن عباده ما كان على وجه النِّسيان؛ لأنَّه ليس في مقدور المكلف؛ قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} الآية [البقرة: 286]؛ وجاء في الحديث عن النَّبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((رفع عن أمَّتي الخطأ والنِّسيان وما استكرهوا عليه)).

وهذا لا يعني أن قدرة المرء على الحفظ تتوقف عند ما طُبع عليه وجُبل؛ بل يُمكن للمرء أن يُنميَ قدرته على ذلك ببذل الوُسع في سبيل تحصيله، وهكذا سائر عادات ابن آدم، فالحلم بالتَّحلُّم، والعلم بالتعلم، والأدب بالتأدب، وكذا الحفظ وقوة الذَّاكرة، وهناك بعض وسائل علاج نسيان العلم، أوجزها لك في الآتي:

أولاً: المداومة على ذكر الله - تعالى - بُكرة وعشِيًّا، بل في كل وقت وحين؛ فالله - تعالى - يقول: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24]، فمن ذكر الله، زادت صلته به، ونال العون والقُوَّة من الله – تعالى - وبذكر الله - تعالى - يبعد عنه الشَّيطان، فالشيطان يعكِّر على ابن آدم صفوه بالنِّسيان.

وبالذكر وخاصة الاستغفار يُوهب المرء قوة بدنيَّة وقلبية، وهذا ما يحتاج إليه طالب العلم؛ قال ابن القيم: "وحضرت شيخ الإسلام ابن تيميَّة مرَّة صلى الفجر، ثم جلس يذكر الله - تعالى - إلى قريب من انتصاف النَّهار، ثم التفت إليَّ وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغدَّ الغداء سقطت قُوتي، أو كلامًا قريبًا من هذا".

ثانيًا: البعد عن المعاصي؛ لأنَّها صدأ القلوب كما جاء في بعض الآثار؛ قال الإمام الشافعي - رحمه الله -:

شَكَوْتُ إِلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي فَأَرْشَدَنِي إِلَى تَرْكِ الْمَعَاصِي

وَأَخْبَرَنِي بِأَنَّ الْعِلْمَ نُورٌ وَنُورُ اللهِ لاَ يُؤْتَاهُ عَاصِي

وقد لُبِّس على النَّبي - صلَّى الله عليه وسلم - في القراءة؛ بسبب معصية أحد المأمومين؛ ففي مُسند أحمد عن زائدة قال: "صلَّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح، فقرأ بالرُّوم، فتردد في آية، فلمَّا انصرف، قال: ((إنَّه يلبس علينا القرآن، إن أقوامًا منكم يُصلون معنا لا يُحسنون الوضوء؛ فمن شهد الصلاة معنا، فليُحسن الوضوء))؛ وحسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط.

فإذا كانت المعصية قد تؤثر على غير العاصي؛ فتأثيرها على العاصي نفسه من باب أَولى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير