تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد صار (لا أدري) عند أهل زماننا هذا عيبًا!

ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[16 - 05 - 10, 06:48 ص]ـ

قال ابن وهب -رحمه الله -:

لو أردُّتُ أنصرف كل يومٍ بألواحي ملأى عند مالك بن أنسٍ فيما يُسْأل، ويقول: ((لا أدري))، انصرفت بها.

قال ابن سرح- توفي سنة (250هـ) -رحمه الله -:

وقد صار لا أدري عند أهل زماننا هذا عيبًا!

«الكامل لابن عدي» (1/ 93)

قلت: كان هذا في زمانه!! - رحمه الله - ... فكيف به لو أدرك أهل زماننا!؟

والله المستعان ...

ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[19 - 05 - 10, 11:29 م]ـ

جانب من تثبت وتورع السلف الصالح عن الفتيا وتجاسر الخلف عليها

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.

المفتي موقِّع عن الله عز وجل، ومبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الواسطة بين الرب والخلق، فعليه أن يعرف قدره، ويتقي ربه، ويحاسب نفسه قبل أن يُحاسَب، ويتحرى في فتواه، ويدقق في السؤال، ويتأنى في الجواب، وأن لا يخطئ قول "أدري"، وأن لا يستنكف ويستكبر عن ذلك، وليكن له في رسوله، وملائكة ربه، والسلف الصالح، والخلف الفالح الأسوة الحسنة والقدوة الفاضلة، فالخير كل الخير في اقتفاء آثارهم والتخلق بأخلاقهم.

قال ابن المنكدر رحمه الله: إن العالم بين الله وخلقه، فلينظر كيف يدخل بينهم.

وقال سهل بن عبد الله رحمه الله: من أراد أن ينظر إلى محاسن الأنبياء فلينظر إلى محاسن العلماء، فيجيء الرجل فيقول: يا فلان، إيش تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا، فيقول: طلقت امرأته؛ ويجيء آخر فيقول: حلفت بكذا وكذا، فيقول له: ليس يحنث بهذا القول؛ وليس هذا إلا لنبي أوعالم، فاعرفوا لهم ذلك.

وبعد ..

فإليك أيها المفتي، والقاضي، والعالم، وطالب العلم، يا من ابتلاهم الله بالفتوى، وامتحنهم بالقضاء، واختبرهم بالعلم، إليكم جميعاً هذه النصائح الغالية، والنماذج الفريدة، والخصال الحميدة، التي ينبغي لكل منكم أن يتحلى بها، وأن يكون أهلاً لها، لحاجتكم إليها أكثر من حاجة من سبقكم، وذلك لقلة المعين، ولضعف وازع الدين، لتعرف إذا كان هذا حالهم وتلك خصالهم في التحري، والتدقيق، والتثبت، والتأكيد في الفتوى وهم أهلها وأحق بها، أين أنت من ذلك؟ وأين موقعك مما هنالك؟ فإن لم تكن مثلهم فتشبه بهم، فإن التشبه بالرجال فلاح ونجاح.

نماذج لتورع السلف الصالح وتثبتهم عن الفتيا

قال ابن مسعود رضي الله عنه: "من أفتى الناس في كل ما يستفتونه فهو مجنون".

وعن ابن عباس رضي الله عنه نحوه.

وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو من كبار التابعين ومن أئمة الدين: "أدركتُ عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُسأل أحدهم المسألة فيردها إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجع إلى الأول منهم، ما منهم من أحد إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا".

وقال حصن الأسدي: "إن أحدكم ليفتي في المسألة، لو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر".

وقال مالك رحمه الله: "سمعت محمد بن عجلان يقول: إذا أخطأ العالم "لا أدري" أصيبت مقاتله".

وروي نحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وذكر أبو عمر بن عبد البر عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه جاءه رجل فسأله عن شيء، فقال القاسم: لا أحسنه، فجعل الرجل يقول: إني دفعت إليك، لا أعرف غيرك؛ فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي، وكثرة الناس حولي، والله لا أحسنه؛ فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه: يا ابن أخي الزمها5، فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم؛ فقال القاسم: والله لئن يقطع لساني أحب إليَّ من أن أتكلم بما لا أعلم.

روي من غير وجه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: "أي سماء تظلني، وأي أرضٍ تقلني، إذا قلتُ في كتاب الله بغير علم".

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "يا أيها الناس! من سُئل عن علم يعلمه فليقل به، ومن لم يكن عنده علم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم الله أعلم، إن الله قال لنبيه: "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ"

عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن شيء فقال: "لا أدري فلما ولى الرجل قال: نعمَّا قال عبد الله بن عمر، سئل عما لا يعلم، فقال: لا علم لي به".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير