تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا مجمل ما صح في رواية حديث عائشة – رضي الله عنهم – وهذه اللفظة عند مسلم وغيره: ((فَوَقَعَتْ يَدَيْ على بطن قدميه)) وعند مالك ومن معه: ((فَوَضَعْتُ يَدِيْ على قدميه)). لم يترجمها أَحَدٌ فيما أَعلم؛ للدلالة على ضَمِّ الساجد عقبيه, وما هذا – والله أعلم – إلا لأَن وقوع اليد, أو وضعها على القدمين, لا يلزم من ذلك التصاق العقبين وضم القدمين, والسنن لا تؤخذ بمثل هذا التمحل؟ لا سيما سنة عملية في أعظم شعائر الإِسلام الظاهرة.

بقي لفظ لحديث عائشة – رضي الله عنها – وفيه: ((فوجدته ساجداً رَاصّاً عقبيه)) وهو نص في رص الساجد عقبيه حال السجود, لكن ما هي درجة هذه اللفظة, وهل هي من طريق من ذكر عند مسلم وغيره أم من طريق أخرى؟ فأقول: الحديث بهذه اللفظة من طريق أخرى, أخرجه: ابن خزيمة: (654) وترجمه بقوله: ((باب ضم العقبين في السجود)) ومن طريقه: ابن حبان: (1933) والطحاوي في: ((شرح معاني الآثار: 1/ 234)) وفي: ((مشكل الآثار / 111)) والحاكم في: ((المستدرك: 1/ 228)) والبيهقي في: ((الكبرى: 2/ 116)) وابن عبد البر في: ((التمهيد: 23/ 348)). ولم يترجمه واحد ممن ذكر في محل الشاهد منه هنا. وإسناده عند جميعهم من طريق: سعيد بن أبي مريم, أخبرنا يحيى بن أيوب, حدثني عمارة بن غزية, سمعت أبا النضر, سمعت عروة, قال: قالت عائشة: ((فقدت رسول الله r وكان على فراشي, فوجدته ساجداً, راصاً عقبيه, مستقبلاً بأَطراف أصابعه القبلة, فسمعته يقول:. . . .)) الحديث.

قال الحاكم بعده: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين, ولم يخرجاه بهذا اللفظ, لا أَعلم أحداً ذكر ضم العقبين في السجود غير ما في هذا الحديث)) انتهى. ووافقه الذهبي في: ((تلخيصه)). وهذه الموافقة غريبة من الذهبي – رحمه الله تعالى -؛ إذ أَعَلَّ أحاديث أُخر بيحيى بن أيوب في تلخيصه للمستدرك, كما في: ((2/ 201, 3/ 97, 4/ 44, 4/ 243).

ويحيى بن أيوب – رحمه الله تعالى – وإن أخرج له الجماعة إلا البخاري استشهاداً, فإن كلمة الحفاظ اختلفت فيه اختلافاً كثيراً, بين مُوَثِّق, ومُجَرِّح, ومُعْتَدِلٍ, بأَنه يقع في حديثه غرائب, ومناكير, فَتُتقَّى.

ومن أَعدل ما رأيته في منزلته كلمة الإِمام أحمد – رحمه الله تعالى – إذ قال كما في: ((الضعفاء)) للعقيلي: (ص / 211): ((وقال أحمد بن محمد: سمعت أبا عبد الله, وذكر يحيى ابن أيوب المصري, فقال: كان يحدِّث من حفظه, فذكرت له من حديثه: يحيى بن أيوب, عن عمرة عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي r كان يقرأ في الوتر, فقال: هاء, من يحتمل هذا؟)) انتهى.

• الخلاصة: أن حديث عائشة – رضي الله عنها – أصله صحيح في صحيح مسلم, وغيره, وليس في لفظه الصحيح عند مسلم ومن معه ((رص العقبين حال السجود)) , ولم يأت لها ذكر في أحاديث الصحابة الطوال المشهورة في وصفهم صلاة النبي r وقد وصفوا تفتيخ أصابع رجليه نحو القبلة, وضم أصابع يديه حال سجوده r. وأن هذه اللفظة: ((رص العقبين وهو ساجد)) شاذة, انفرد بإِخراجها ابن خزيمة ومن أتى من طريقة, ابن حبان فمن بعد, وأن الحال مما ذكر الحاكم في قوله: ((لا أعلم أحداً ذكر ضم العقبين في السجود غير ما في هذا الحديث)) انتهى. وهذه كلمة استقرائية مفيدة شذوذ هذه اللفظة ونكارتها, وأن ترجمة ابن خزيمة لهذه الرواية بقوله: ((باب ضم العقبين في السجود)) تعني فقه هذه الرواية التي أَسندها, مع صرف النظر عن صحتها من عدمها, لا أنها صحيحة في نفس الأَمر, ويقع هذا كثيراً في تراجمه, فتدبر. ومنها ما تقدم قريباً من ترجمته لما أسنده في ضم الفخذين حال السجود, وقد تحرر شذوذها, فكذلك رواية رص العقبين هنا. وأنه لا يعرف في رص الساجد عقبيه آثار عن السلف عن الصحابة – رضي الله عنهم – فمن بعدهم, وأنه لم يتم الوقوف على تفريع لأَحد من الفقهاء بمشروعية رَصِّ العقبين حال السجود, سوى كلمة ابن تميم ومن معه ممن لم يُسَمَّ من الحنابلة, ولَعَلَّها من شاذ التفقه.

فبقي أن يُقال: المشروع للساجد: هو تفريج القدمين؛ استصحاباً للأَصل حال القيام في الصلاة, قال المرداوي في: ((الإِنصاف: 2/ 69)): (فوائد منها: يستحب أن يفرق بين رجليه حال قيامه. . وقال في المستوعِب: يكره أن يلصق كعبيه) انتهى. ولأَن سنة السجود: الاعتدال في الهيئة, والمجافاة, والتفاج, وتفريق الأَعضاء, أعضاء السجود, ومنها التفريق بين الركبتين, والفخذين, والقدمان, تابعان للفخذين, فتكون السنة فيهما كذلك.

فثبت بهذا: أن السنة في القدمين حال السجود هو التفريق باعتدال على سَمْتِ البدن, دون غلو في التفريج, ولا جفاء في الإِلصاق ?وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا?والله تعالى بأَحكامه أَعلم.

انتهى كلامه رحمه الله ..

ـ[عجب الرويلي]ــــــــ[03 - 05 - 10, 06:54 م]ـ

جزاكم الله خير أم محمد

ـ[عجب الرويلي]ــــــــ[04 - 05 - 10, 03:40 م]ـ

الأخوة الأفاضل,,

هل يقال أن من السنة عند السجود المجافاة والتباعد ألا ما دل الدليل على خلافه وهما القدمان

كما بحديث عائشة عندما وضعت يدها على قدمي الرسول صلى الله عليه وسلم

كما قرر الشيخ ابن عثيمين

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير