ـ[المسلم الحر]ــــــــ[05 - 05 - 10, 02:25 ص]ـ
لدي مبلغ من المال وأريد الحج به ولكن زوجتي تقول إن تزويج ابننا أوجب لأن الولد غير مستطيع للزواج بنفسه، فأيهما أولى أن أؤدي فريضة الحج أم أزوج ولدي، أفيدونا؟
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
فتزويج الابن ليس واجبا على الأب عند جمهور الفقهاء، ولكنه مندوب، وإذا كان الأب يملك مؤنة الحج فلا يجوز له أن يؤخر الحج من أجل تزويج ابنه، بل يجب عليه أن يعجل بأداء الفريضة، ويجب على الابن الفقير الذي لا يستطيع الزواج بنفسه أن يصبر حتى يغنيه الله من فضله.
يقول فضيلة الدكتور حسام عفانه –أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
ينبغي أن يعلم أولاً أن الحج فريضة العمر على المسلم المستطيع، قال الله تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} سورة آل عمران الآية 97.
وهذه الآية الكريمة تدل دلالة واضحة على وجوب الحج على المستطيع.
وفي قوله تعالى (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) إشارة إلى أن الأصل في المسلم أنه لا يترك الحج مع القدرة عليه لأنه سبحانه وتعالى جعل مقابل الفرض الكفر، فترك الحج ليس من شأن المسلم، بل هو من شأن الكافر. انظر الموسوعة الفقهية 17/ 23.
والواجب على المسلم أن يبادر للحج إن كان مستطيعاً؛ لأن الحج واجب على الفور على قول جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي (إن من وجب عليه الحج وأمكنه فعله وجب عليه على الفور ولم يجز له تأخيره وبهذا قال أبو حنيفة ومالك) المغني 3/ 212.
ويدل على ذلك قوله تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} سورة البقرة 196، قال القرطبي وروى قتادة عن الحسن قال قال عمر رضي الله عنه (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى الأمصار فينظرون إلى من كان له مال ولم يحج فيضربون عليه الجزية فذلك) قوله تعالى {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} قلت – القرطبي - هذا خرج مخرج التلغيط … وقال سعيد بن جبير (لو مات جار لي وله ميسرة ولم يحج لم أصل عليه) تفسير القرطبي 4/ 153 - 154 4/ 153 - 154.
ويدل على الفورية قوله تعالى {فاستبقوا الخيرات} سورة البقرة الآية 48.
ويدل على وجوب الحج على الفور ما ورد في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أراد الحج فليتعجل)
رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد والدارمي، وقال الشيخ الألباني حديث حسن، كما في صحيح سنن أبي داود 1/ 325.
وجاء في رواية أخرى عن ابن عباس عن الفضل رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وقال الشيخ الألباني حديث حسن انظر صحيح سنن ابن ماجة 2/ 147.
وعن عبد الرحمن بن غُنم أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول (من أطاق الحج فلم يحج، فسواء عليه يهودياً مات أو نصرانياً) ذكره ابن كثير وقال هذا إسناد صحيح إلى عمرتفسير ابن كثير 2/ 97.
وعن عمر رضي الله عنه أنه قال (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جِدة فلم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين) رواه سعيد بن منصور في سننه.
إذا تقرر أن الحج واجب على الفور على المستطيع فإن أداء المسلم لحج الفريضة مقدم على تزويج ابنه؛ لأن تزويج الابن ليس واجباً على أبيه كما هو مذهب جماهير أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية، بل هو أمر مندوب إليه، وخاصة إذا كان الأب موسراً فينبغي أن يساعد ابنه في الزواج.
قال ابن عرفة المالكي (نفقة الابن تسقط ببلوغه) مواهب الجليل للحطاب.
وقال الإمام النووي (لا يلزم الأب إعفاف الابن) روضة الطالبين.
والمطلوب من الابن الفقير الذي لا يستطيع الزواج بنفسه أن يصبر حتى يغنيه الله من فضله كما قال تعالى {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله} سورة النور الآية 33.
¥