وبعد ما ذُكر هل الكاتب أحمد في أحكامه الحديثية قد استجمع علم الحديث ليباري الأئمة فيصحح ماضعفوه ويضعف ما صححوه، مثال ذلك ما روى الإمام مسلم صحيحه- (2/ 124) عن أبى هريرة قال أتى النبى -صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لى قائد يقودنى إلى المسجد. فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرخص له فيصلى فى بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال «هل تسمع النداء بالصلاة». فقال نعم. قال «فأجب». قال عنه الكاتب: "حديث الأعمى وابن أم مكتوم رويا عن عدة طرق لم يثبت منها شيء بإسناد صحيح ولا حسن"؛ فما هي العلل التي خفيت على الإمام مسلم وفتح الله بها على أحمد الغامدي.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن من يتصدى للتصحيح والتضعيف يكون ثابت المنهج فلا يتغير بحسب هواه، بل يجب عليه أن ينطلق من قواعد ثابتة، وما نريده من الكاتب: أن يوضح لنا منهجه المتبع في التصحيح والتضعيف ليحاكم عليه.
2. ضعف التأصيل بالفقه وأصوله: فمن يقرأ للكاتب يجده يعارض النصوص بعضها ببعض فيبطل نصاً عاماً بفعل خاص -ظني الدلالة- له ملابسات قد يصعب الإطلاع عليها. ويؤصل كاتبنا ويقعد دون أن يأبه لتفسير العلماء وأقولهم، ومن ذلك: تزمته بنفي القرابة أو الخصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم بأم حرام، وهذا نبي الله الذي لم تمس يده يد أنثى فكيف يتوسد –حاشاه- حجر أجنبية عنه، الذي أعرض عن مصافحة النساء حال البيعة كيف يصدق عنه ذلك، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك - إلى قوله - غفور رحيم}. قال عروة قالت عائشة فمن أقرأ بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم (قد بايعتك). –-ثم قالت- كلاما ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما يبايعهن إلا بقوله (قد بايعتك على ذلك). صحيح البخاري (4/ 1856). فهل الكاتب أعلم بحال النبي عليه السلام من زوجته.
3. يقول في أحد لقاءاته: كنت أرى أن موجب العمل هو طاعة ولي الأمر. وفي لقاء آخر يقول: كان المانع أن طاعة ولي الأمر يجب العمل بها على ضوء التنظيمات ولا يتجاوزها= فهل يرى الكاتب أن طاعة ولي الأمر سقطت عنه بعد ما توصل إلى من فتوح.
4. ومن الملاحظات: يذكر الكاتب أنه فتح الله عليه بهذه المسألة بعد نقاشه مع الكتاب: قينان الغامدي، وعبده خال، طارق الميمان وغيرهم.
سبحان من ألهمه هذه الحجة التي لم يتوصل إليها بملازمة لكبار العلماء بحسب ادعائه ولم يتبين له الحق إلا بعد جلوسه مع مشائخه الحقيقين الذين عرفوا بالجهل المركب؛ فأين العلم الذي ادعاه سنوات وأين ملازمة العلماء، أم أن كاتبنا وجد عند هؤلاء الكتاب من الأدلة ما لم يجدها من ملازمة كبار العلماء لسنوات عدة، أو لعل شيخه قينان الغامدي بين له من قواعد الجرح والتعديل ما لم يجده عند ملازمته لابن باز، أو لعله وجد عند عبده خال من القواعد الأصولية والفقهية ما لم يجده عند ابن عثيمين، أو لعله اطلع على نصوص عند طارق الحسين من النصوص ما لم يطلع عليها عند ابن جبرين.
وفي ختام هذه الكلمات يعلم القارئ الكريم أن الله تعالى أنزل هذا الكتاب منه آيات محكمات واضحة الدلالة وهن أصل الكتاب الذي يُرجع إليه عند الاشتباه، ويُرَدُّ ما خالفه إليه، ومنه آيات أخر متشابهات تحتمل بعض المعاني، لا يتعيَّن المراد منها إلا بضمها إلى المحكم، فأصحاب القلوب المريضة الزائغة، لسوء قصدهم يتبعون هذه الآيات المتشابهات وحدها; ليثيروا الشبهات عند الناس، كي يضلوهم، ولتأويلهم لها على مذاهبهم الباطلة. ولا يعلم حقيقة معاني هذه الآيات إلا الله. والمتمكنون في العلم يقولون: آمنا بهذا القرآن، كله قد جاءنا من عند ربنا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ويردُّون متشابهه إلى محكمه، وإنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها الصحيح أولو العقول السليمة.
قال ابن عباس: "التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله". هل اطلع كاتبنا على ما خفي فهمه على العلماء، قال تعالى: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)، وقيل: "العلم ثلاثة أشبار، من دخل في الشبر الأول، تكبر ومن دخل في الشبر الثاني، تواضع ومن دخل في الشبر الثالث، علم أنه ما يعلم". فهل علم كاتبنا من نفسه أنه لا يعلم، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
كتبه/ سعود بن مقبل
ماجستير فقه مقارن
انظر ( http://saud3.maktoobblog.com/)
ـ[أدهم صبري أحمد]ــــــــ[18 - 05 - 10, 07:53 ص]ـ
وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحًا ... وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ
بسم الله ماشاء الله
ربنا يباركلك
ـ[سعود3]ــــــــ[22 - 05 - 10, 06:52 م]ـ
أدهم صبري أحمد= حياك الله.