يجب الوضوء للطواف حول الكعبة فرضًا كان أو نفلاً، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وكذا الحنفية [الفقه الإسلامي وأدلته د وهبة الزحيلي] إلا أنهم قالوا بأنه واجب وليس بفرض على قاعدتهم في التفريق بين الفرض والواجب، والجمهور على عدم الفرق، وقد استدلوا على وجوب الوضوء للطواف بحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال «الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير» الترمذي، وصححه الألباني
جـ مس المصحف
اختلف الفقهاء في وجوب الوضوء لمس المصحف، فذهب جمهور الفقهاء كالأئمة الأربعة وغيرهم إلى وجوب الوضوء عند مسّ المصحف، وذهب داود الظاهري وبعض أهل العلم إلى أنه لا يحرم على المُحْدِث أن يمس المصحف، وقد استدل الجمهور على صحة مذهبهم بالكتاب والسنة والرأي.
فمن الكتاب قوله تعالى: " إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ " الآية
وجه الدلالة أن الضمير في قوله " لاَ يَمَسُّهُ " يعود على القرآن؛ لأن الآيات سبقته للحديث عنه، والمطهر هو الذي أتى بالوضوء والغسل من الجنابة بدليل قوله تعالى " وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ " الآية [الشرح الممتع]
ومن السنة ما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي إلى أهل اليمن، وفيه «ألا يمس القرآن إلا طاهر» أخرجه مالك في الموطأ، وعبد الرزاق في مصنفه وصححه الألباني في صحيح الجامع
وقد تكلم في صحة هذا الحديث كثير من أهل الحديث، كما نقل الحافظ في تلخيص الحبير، إلا أن جماعة من الأئمة قد صححوا الحديث من حيث الشهرة، فقال ابن عبد البر في التمهيد «هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف عند أهل العلم معرفةً يُستغنى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنه أشبه المتواتر في مجيئه؛ لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة» التمهيد
وجه الدلالة من الحديث أن الطاهر هو المتطهر طهارة حسية من الحدث؛ لأن المؤمن طهارته المعنوية كاملة، والمصحف لا يقرؤه غالبًا إلا المؤمنون، فلما قال «إلا طاهر»، علمنا أن المراد قدر زائد عن الطهارة المعنوية، وهو الطهارة من الحدث.
ومن النظر الصحيح أنه ليس في الوجود كلام أشرف من كلام الله، فإذا أوجب الطهارة للطواف حول بيته، فالطهارة لتلاوة كتابه الذي تكلم به من باب أولى [الشرح الممتع]
وقد رد من قال بعدم وجوب الوضوء لمس المصحف على أدلة الجمهور بما لا يتسع المجال لذكره، خاصة وأن مذهب الجمهور أقوى وأرجح فنقتصر على أدلتهم.
وقد رخص بعض أهل العلم كالإمام مالك في مس المصحف بدون وضوء للمعلم والمتعلم؛ إذا خشيا النسيان، أو طال البقاء في محل التعليم مع مشقة الوضوء، ويمكن أن يرخص كذلك في مس المصحف بدون وضوء لكل من لا يستطيع المحافظة على وضوئه ويجد لديه مشقة في الوضوء
الاستحباب أو الندب
وضع أهل العلم ضابطًا للوضوء المندوب، فقالوا هو كل وضوء ليس شرطًا في صحة ما يُفعل به، بل من كمالات ما يفعل به [حاشية الصاوي على الشرح الصغير]
أ عند القيام لكل صلاة
يندب تجديد الوضوء لكل صلاة، حتى وإن كان على طهارة وهذا محل اتفاق بين الأئمة ولم يخالف في ذلك إلا ابن حزم الظاهري.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " الآية وظاهرها يقتضي الوضوء على كل قائم إلى الصلاة، محدثًا كان أو غيره، وإنما معناه إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون، وإنما أضمر وأنتم محدثون كراهة أن يفتتح آية الطهارة بذكر الحدث.
ولقوله «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك» أحمد، وحسنه الألباني في صحيح الجامع
ب عند النوم
استحب جمهور العلماء لمن أراد النوم أن يتوضأ قبل نومه؛ لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي قال له «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك ... » متفق عليه
جـ عند ذكر الله
¥