اتفق علماء المذاهب الأربعة على استحباب الوضوء عند ذكر الله تعالى من دعاء، وقراءة قرآن، وتسبيح ودراسة العلم الشرعي، وغير ذلك، وكان الإمام مالك رحمه الله يتوضأ ويتطهر عند إملاء الحديث عن رسول الله؛ تعظيمًا له
د عند الأذان والإقامة
يستحب لمن أراد أن يؤذن للصلاة أو يقيم الصلاة أن يكون على طهارة كاملة من الحدث الأصغر والأكبر، فقد اتفق علماء المذاهب الأربعة على كراهية الأذان مع وجود الحدث، فإن الوضوء للأذان والإقامة كان هدي مؤذني الرسول صلى الله عليه وسلم.
هـ عند الأكل والشرب والنوم ومعاودة الوطء للجنب
يستحب للجنب أن يتوضأ إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام؛ لقول عائشة رضي الله عنها «كان النبيإذا كان جنبًا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ» مسلم
ولحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبيقال «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ» مسلم
ومعنى أراد أن يعود أي إلى الوطء مرة أخرى وقد قيل إن الحكمة في ذلك هو تخفيف الحدث. وقال البعض لما كانت الجنابة منافية لهيئة الملائكة، كان المرضي في حق المؤمن أن لا يسترسل في حوائجه من النوم والأكل والجماع مع الجنابة، فإذا تعذرت الطهارة الكبرى لا ينبغي أن يدع الطهارة الصغرى
و عند الغضب
يُستحب للمرء إذا أصابه الغضب أن يتوضأ، وهذا محل اتفاق عند الأئمة الأربعة وغيرهم، واستدلوا لذلك بقوله «إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» أبو داود، وضعفه الألباني
ز بعد حمل الميت
يندب لمن حمل الميت أن يتوضأ بعد حمله؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «من غسل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ» أحمد، وصححه الألباني
ح قبل الاغتسال
يستحب لمن أراد الاغتسال، سواء كان الغسل فرضًا أو نفلاً أن يتوضأ في أول الغسل؛ لما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها «كان النبي إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ، كما يتوضأ لصلاته» متفق عليه
وللحديث بقية في العدد القادم إن شاء الله تعالى
ــــــــــــــــــــ
فائدة يفرق الحنفية بين الفرض والواجب خلافًا للجمهور، فيقولون إن الفرض ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه، مثل وجوب الوضوء للصلاة؛ لأنه ثبت بدليل قطعي الثبوت وهو القرآن الكريم، وحكم الفرض اللزوم علمًا أي حصول العلم القطعي بثبوته وتصديقًا بالقلب أي اعتقاد حقيقته، وعملاً باليد، ويكفر جاحده ويفسق تاركه بلا عذر، فمن أنكر وجوب الوضوء للصلاة فهو كافر عندهم والواجب ما ثبت بدليل ظني فيه شبهة كصدقة الفطر والأضحية؛ لأنهما ثبت حكمهما بدليل ظني وهو أحاديث الآحاد وحكمه اللزوم عملاً كالفرض لا علمًا، ولذلك لا يكفر جاحده عندهم ويفسق تاركه بلا تأويل
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[09 - 07 - 10, 11:52 م]ـ
الحلقة الثانية – جماد الأول 1431هـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد
فقد بدأنا في العدد السابق الحديث عن الوضوء، فبدأنا بتعريفه ثم مشروعيته، ثم فضله، ثم حكمه، ونواصل اليوم الحديث عن هذه العبادة الجليلة، ونبدأ بالحديث عن شروط الوضوء، وسوف نفصِّل بعض الشيء فيها؛ لأن هذه الشروط سيتكرر أكثرها عند الحديث عن بقية العبادات فلا نحتاج لإعادتها مرة أخرى
أولاً معنى الشرط
في اللغة الشرط بسكون الراء إلزام الشيء والتزامه، ويجمع على شروط
في الاصطلاح ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته حاشية البناني على جمع الجوامع ومعنى ذلك أن الشرط إذا لم يوجد ترتب على ذلك عدم وجود المشروط؛ فمثلاً إذا لم يتوضأ إنسان للصلاة؛ فإنه لا يستطيع أداء الصلاة بدون الوضوء، وإذا صلى على هذه الصفة كانت صلاته كالعدم وإذا وُجد الشرط فإنه لا يلزم من وجوده وجود المشروط أو عدمه، فلو توضأ إنسان فإنه لا يلزمه عند الوضوء أن يصلي فقد يتوضأ ولا يصلي؛ لأن الصلاة ليست من لوازم الوضوء
ثانيًا أقسام الشرط
اعلم أن الشرط منحصر في أربعة أنواع
الأول عقلي كالحياة للعلم
الثاني شرعي كالطهارة للصلاة
الثالث لغوي كعبدي حر، إن قمت
الرابع عادي كالغذاء للحيوان [المدخل لمذهب أحمد، لعبد القادر بن بدران]
¥