تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، ثُمَّ يَأْتِي بِفَاتِحَةٍ خَاصَّةٍ، لِيَكُونَ الْقَضَاءُ بِالْهَيْئَةِ الَّتِي فَاتَتْ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ مَعَ الإْمَامِ فَهُوَ أَوَّل صَلاَتِهِ، وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ سَلاَمِ إِمَامِهِ آخِرُهَا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَإِتْمَامُ الشَّيْءِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ أَوَّلِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإْمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الصُّبْحِ، وَقَنَتَ الإْمَامُ فِيهَا يُعِيدُ فِي الْبَاقِي الْقُنُوتَ، وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْمَغْرِبِ مَعَ الإْمَامِ تَشَهَّدَ فِي الثَّانِيَةِ."

وسبب الخلاف هو اختلاف رواية الحديث؛ فمن رجّح (فما فاتكم فأتمّوا) قال: ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته، وما فاته فهو آخر صلاته.

ومن رجّح (وما فاتكم فاقضوا) قال: ما أدركه المسبوق مع الإمام هو آخر صلاته؛ ثم يقضي ما فاته وهو أولها.

قال النووي في (شرح مسلم) (5/ 100):" واختلف العلماء في المسألة فقال الشافعي وجمهور العلماء من السلف والخلف ما أدركه المسبوق مع الامام أول صلاته وما يأتي به بعد سلامه آخرها وعكسه أبو حنيفة رضي الله عنه وطائفة وعن مالك وأصحابه روايتان كالمذهبين وحجة هؤلاء واقض ما سبقك وحجة الجمهور أن أكثر الروايات وما فاتكم فأتموا وأجابوا عن رواية واقض ما سبقك أن المراد بالقضاء الفعل لا القضاء المصطلح عليه عند الفقهاء وقد كثر استعمال القضاء بمعنى الفعل فمنه قوله تعالى فقضاهن سبع سماوات وقوله تعالى فإذا قضيتم مناسككم وقوله تعالى فإذا قضيت الصلاة ويقال قضيت حق فلان ومعنى الجميع الفعل".

وأمّا أيّ الروايتين أصح؛ فقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) (2/ 118 - 119): " قوله: "وما فاتكم فأتموا" أي أكملوا، هذا هو الصحيح في رواية الزهري، ورواه عنه ابن عيينة بلفظ: "فاقضوا " وحكم مسلم في التمييز عليه بالوهم في هذه اللفظة، مع أنه أخرج إسناده في صحيحه لكن لم يسق لفظه، وكذا روى أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة فقال: "فاقضوا " وأخرجه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق بلفظ: "فأتموا". واختلف أيضا في حديث أبي قتادة، فرواية الجمهور " فأتموا " ووقع لمعاوية بن هشام عن سفيان " فاقضوا " كذا ذكره ابن أبي شيبة عنه. وأخرج مسلم إسناده في صحيحه عن ابن أبي شيبة فلم يسق لفظه أيضا، وروى أبو داود مثله عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: ووقعت في رواية أبي رافع عن أبي هريرة، واختلف في حديث أبي ذر قال: وكذا قال ابن سيرين عن أبي هريرة " وليقض". قلت: ورواية ابن سيرين عند مسلم بلفظ: "صل ما أدركت، واقض ما سبقك " والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ: "فأتموا " وأقلها بلفظ: "فاقضوا " وإنما تظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين الإمام والقضاء مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحدا واختلف في لفظه منه وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى، وهنا كذلك لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائت غالبا لكنه يطلق على الأداء أيضا، ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا}، ويرد بمعان أخر فيحمل قوله فاقضوا على معنى الأداء أو الفراغ فلا يغاير قوله فأتموا، فلا حجة فيه لمن تمسك برواية فاقضوا على أن ما أدركه المأموم هو آخر صلاته حتى استحب له الجهر في الركعتين الأخيرتين وقراءة السورة وترك القنوت، بل هو أولها وإن كان آخر صلاة إمامه لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدمه، وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال، فلو كان ما يدركه مع الإمام آخرا له لما احتاج إلى إعادة التشهد. وقول ابن بطال إنه ما تشهد إلا لأجل السلام لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد ليس بالجواب الناهض على دفع الإيراد المذكور، واستدل ابن المنذر لذلك أيضا على أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى " إهـ

وهذا تحقيق دقيق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير