رابعا: الجمال , لا يخفى على ذي لب ما يبهج النفس من النظر إلى هذه المخلوقات , ولا يخفى أن في هذا التأمل سبيل لمعرفة قدرة الخالق جل في علاه , يقول ابن القيم في مفتاح دار السعادة ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn7)): (( تأمل الحكمة البالغة في إعطائه سبحانه بهيمة الأنعام الأسماع والأبصار ليتم تناولها لمصالحها ويكمل انتفاع الإنسان بها إذ لو كانت عمياء أو صماء لم يتمكن من الانتفاع بها ثم سلبها العقول على كبر خلقها التي للإنسان ليتم تسخيره إياها فيقودها ويصرفها حيث شاء ولو أعطيت العقول على كبر خلقها لامتنعت من
طاعته واستعصت عليه ولم تكن مسخرة له فأعطيت من التمييز والإدراك ما تتم به مصلحتها ومصلحة من ذلك له وسلبت من الذهن والعقل ما ميز به عليها الإنسان وليظهر أيضا فضيلة التمييز والاختصاص ثم تأمل كيف قادها وذللها على كبر أجسامها ولم يكن يطيقها لولا تسخيره)) ويقول أيضا ((ثم تأمل هذه الألوان والأصباغ والوشى التي تراها في كثير من الطير كالطاووس والدراج وغيرهما التي لو خطت بدقيق الأقلام ووشيت بالأيدي لم يكن هذا فمن أين في الطبيعة المجردة هذا التشكيل والتخطيط والتلوين والصبغ العجيب البسيط والمركب الذي لو اجتمعت الخليقة على أن يحاكوه لتعذر عليهم فتأمل ريش الطاووس كيف هو فإنك تراه كنسج الثوب الرفيع من خيوط رفاع جدا قد ألف بعضها إلى بعض كتأليف الخيط إلى الخيط بل الشعرة الى الشعرة)) ([8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn8))
خامسا: النقل وهو في قوله ((وتحمل أثقالكم)) الآية فهذه الأنعام تحمل أثقالكم إلى بلد آخر لم تكونوا بالغيه إلا بجهد من أنفسكم شديد ([9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn9)) ، ومشقة عظيمة , فهي حاملة لما تريدون نقله من المتاع والمئونة وكذا هي مركب يوصلكم إلى بلد غيركم وهي في قوله ((لتركبوها)).
سادسا: الزينة كما في قوله ((والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة))
المبحث الثاني: ثناء وذم الإسلام على بعض الحيوانات
تتمايز الحيوانات عن بعضها فيما ووهبها الله من صفات, كالجمال أو القوة أو الوفاء أو غيرها من الصفات , وعلى وفق هذه الصفات فقد ميز الإسلام بين الحيوانات فأثنى على بعضها وذم الآخر ,ومن مدحهم والثناء عليهم ما ذكر عن الهدهد في قصة سليمان حيث كان داعيا إلى التوحيد واستنكر صنيع سبأ , وجاء إلى سليمان بعلم جديد يقول عز في علاه {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إ نِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)} [النمل: 20 - 26]
ففي هذه الآيات نجد أنفسنا أمام هدهد عجيب. صاحب إدراك وذكاء وإيمان، وبراعة في عرض النبأ، ويقظة إلى طبيعة موقفه، وتلميح وإيماء أريب. . فهو يدرك أن هذه ملكة وأن هؤلاء رعية. ويدرك أنهم يسجدون للشمس من دون الله. ويدرك أن السجود لا يكون إلا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض، وأنه هو رب
العرش العظيم. . وما هكذا تدرك الهداهد. إنما هو هدهد خاص أوتي هذا الإدراك الخاص، على سبيل الخارقة التي تخالف المألوف. ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn10))
¥