تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا فقد قال الكاتب في إحدى المقالات الثلاث أنه مِن المباديء الإسلامية: "فهم الإيمان بأنه ما وقر في القلب "، وهو قولٌ باطل مردود. وهو الأصل الذي دارت حوله المقالات الثلاث، وهو الذي يبني عليه كثير مِن أهل الضلال دينهم، ويبررون به تحللهم مِن التكاليف الشرعية بدعوى أنها قشور ويدَْعُون إلى الاكتفاء بـ"صلاح الباطن". فالإيمان قولٌ وعمل، والإيمان يزيد وينقُص. وإن صلح قلب هؤلاء لصلح ظاهرهم. قال الحسن البصري: "ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، وإنَّ قوماً ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا مِن الدنيا ولا حسنةً لهم، وقالوا: نحن نُحسن الظن بالله. وكذبوا، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل".

وقال الله تعالى: ?فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا? [سورة الكهف – الآية 110]، و ((شروط صحة الإيمان هي: التزام الباطن، وهو قول القلب وعمله، فقوله هو التصديق، وعمله هو الحُب والخوف والرجاء والانقياد والتسليم. والتزام الظاهر، وهو الإقرار وعمل الجوارح .. وقد ضَلَّ في هذه المسألة بعض الطوائف، فقَصَرُوا الإيمان على التصديق دون الانقياد، وهذا مِن أبطل الأباطيل لمخالفته صريح القرآن والسُنَّة)) انظر: حقيقة الإيمان، ص21 – أ. د. عمر بن عبد العزيز.

ومن عجيب ما قاله الكاتب في مقاله "الإسلام لم يفرض زيا محدداً للمرأة": "المرأة السافرة لا تقل احتراما عن المرأة المحجبة، والعكس صحيح بالقدر نفسه، وإنما هي مسألة أعراف اجتماعية، واجتهادات في تأويلات نصوص دينية ولقد سمعت من الدكتور زقزوق أكثر من مرة، ومن فضيلة الإمام أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، الجملة التي جعلتها عنوان هذه المقالة، والتي أؤمن بصوابها معتمداً علي التراث العقلاني الإسلامي الذي تواصل عبر مشايخ الأزهر المستنير الذين قادوا حركة الاستنارة مع أقرانهم الأفندية المطربشين، سواء في مدى الدفاع عن الدولة المدنية، أو الإيمان بتحرر المرأة وحريتها وسفورها الذي أخذ يغدو علامة علي بزوغ إسهامها الفاعل في الحركة الوطنية بعد ثورة 1919".

فعند هذا الكاتب وأمثاله تستوي المرأة السافرة الكاشفة عن مفاتنها أمام الرجال مع المرأة المحجبة العفيفة التي تتبع أمر الله بستر عوراتها، والإسلام العقلاني المستنير في نظر هؤلاء (الظلاميين حقيقةً) هو الذي يُدافِع عن الدولة المدنية التي لا مكان فيها للدين، وهو الذي يؤمِن بتحرر المرأة وسفورها وتعريها أمام أعين الكاتب ومَن هُم على شاكلته. فدينهم العقلاني لا مرجعية له للنصوص مِن قرآن وسُنة، ولا حاجة له في تقصي فهم الصحابة، الذين شهدوا نزول الوحي، لتلك النصوص. ولهذا فقد قال الكاتب في واحدة مِن تلك المقالات: "فأنا لي حق أن أفهم من الإسلام ما يهديني إليه عقلي ".

والاستنارة والحداثة في نظر هؤلاء هي التحرر مِن قيود الشرع وتكاليفه، والتخلف والرجعية يرونها في الالتزام بما يسمونه بالقشور والشكليات، وإن أمر الشرع بها، قال الكاتب في مقال "قصيدة لم يطوها النسيان": "ما أكثر أسباب تخلفنا، ومنها الجدال في مزايا شكلية الأزياء". وأنا أتفق معه في هذا القول. فبالفعل لقد كَثُرت أسباب تخلفنا، ولكن بسبب أمثال هذا الكاتب الذين يضيعون أوقاتهم في الطعن في الدين والجدال في قضايا مُسَلَّم بها نَفَضَ العلماء منها أيديهم منذ قرون، وبدلاً مِن أن يخصص ذلك الكاتب قلمه ووقته لمحاربة الفساد والبطالة وسوء الحالة الاقتصادية وغيرها مِن قضايا الأمة، والتي تبدو بالنسبة له أقل أهمية مِن قضية انتشار ما أسماه بقطعة القماش، انشغل الكاتب بمحاربة الدين وشعائره، وبَذَل في سبيل ذلك الجهد والوقت، ثم اتهم غيره بالاهتمام بالشكليات والمظاهر. وواقع هؤلاء يُكَذِّب أقوالهم، فهم اتخذوا محاربة الدين قضية حياتهم، ولها سخروا الأموال والأوقات، ونشروا الكُتُب والمقالات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير